للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو الواقعية الفنية، واذا كان الأديب العراقي قد نسب ألي في موضع آخر من مقاله أنني أقصد بالنقل المباشر لصور الحياة ذلك (التقليد الأعمى) للطبيعة كما ذهب إلى ذلك أفلاطون، فأنني أود أن ألفت نظره إلى أن (الفهم الأعمى) وحده هو أوحى أليه بان ينسب إلى مثل هذا القول العجيب. . ومرة أخرى أقسم له بمن علمني أصول الفن ومناهجه، أنني حين قلت (الواقع المحس الذي تلمسه العين وتأمله النفس)، كنت أقصد العين والنفس اللتين أنعم بهما الله على القصاص المحلق والأديب المتذوق والناقد الفنان، ولم أكن أقصد أبدا عين بائع الفجل والبصل والخيار، أو نفس اللب والحمص والفول السوداني. . وإذا لم يصدق فلا بأس من أن أنقل أليه الفقرة الأخرى من مقال آخر كتبته أيضا منذ عامين على صفحات الرسالة:

الحياة هي المنبع الأصيل لكل أثر من آثار الفن يترك ظله في النفس وبقاءه على الزمن: في أدب الكاتب، في شعر الشاعر، في لحن الموسيقار، في لوحة الرسام، لتكن الحياة نقمة أو نعمة، لتكن مأساة أو ملهاة، لتكن ألما أو لذة، لتكن دمعة أو ابتسامة. . حسب الفن أن يعبر عن الحياة فيصدق في التعبير، وأن يترجم عن رؤية العين وإحساس القلب فيسمو بالأداء)! هذا الفن الذي يترجم عن رؤية العين وإحساس القلب في هذه العبارة، أليس معناه العمل الذي ينتجه كل فنان؟! وهذا القلب وتلك العين إلى من ينسبان هنا في رأي الذين يفهمون؟ ألا ينسبان إلى ذلك الذي ينتج كل عمل يسلك في عداد الفنون؟! إن الذنب ليس ذنبي كما رأيت، ولكنه ذنب الذين يحسبونها السويس وهي السويد، ويتوهمونها الإسكندرية وهي الاسكندرونة، ويتخيلونه النيل وهو الدردنيل. . وهلم جرا أو هلم جرجرة كما كان يعبر الرافعي رحمه الله!!

هل انتهى العجب؟ كلا! وكيف ينتهي ونحن نتحدث عن الواقعية في القصة فينقلنا الأديب العراقي إلى الواقعية في الشعر، ويأتي لنا بنموذج من شعر (هوسمان) ليتسائل: هنا واقعية. . ولكن هل هي من النقل المباشر الذي تلمسه العين وتألفه النفس؟ لو كان حضرته يعلم أن الواقعية في الشعر غير الواقعية في القصة!!

لما أوقع نفسه في هذه (اللخبطة) الطريفة. . ترى هل يريد أن يعرف الفارق بين الواقعية هنا والواقعية هناك؟ عليه أن رجع إلى هذا المقال وإلى الآخر الذي عقب عليه ليدرك

<<  <  ج:
ص:  >  >>