للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تثوب إليها. وانطلقت كل دويلة تجابه الاستعمار المتجمع المتكتل وحدها. تارة في مجلس الأمن، وتارة في هيئة الأمم، وتارة في محكمة العدل. وفي كل مرة كانت تؤوب بالفشل والخيبة، لان الاستعمار هناك وحدة؛ ولان (القومية) التي خدع بها المستضعفين في الشرق لا تجعله ينسى (الصليبية) التي يواجه بها الإسلام كافة!

وانطلقت كل دويلة تجابه الطغيان الداخلي فيها والمظالم الاجتماعية بحلول ومبادئ تلهت وراءها في أرض غير أرضها؛ وفي بيئة غير بيئتها. تارة باسم الديمقراطية. وتارة باسم الاشتراكية. وتارة باسم الشيوعية وهي كلها محاولات يائسة، أنشأتها أوضاع غير أوضاع الوطن الإسلامي، وهي أمتدادت طبيعية للفكرة المادية التي يدين بها الضمير الغربي والحضارة الغربية، وتجد جذورها في الحضارة الإغريقية والرومانية، ولا مبرر لنشأتها أو امتدادها في الجو الإسلامي والتفكير الإسلامي.

وماذا كانت العاقبة؟

كانت العاقبة في الخارج هي ما نراه من تفكك العالم الإسلامي وتكتل العالم الصليبي. كانت هي ضعف الدويلات الإسلامية وقوة الاستعمار الأوربي. كانت هي هذه الحلقة المفرغة التي تدور فيها هذه الدويلات حول دول الاستعمار. كانت هي توزيع الأسلاب بين إنجلترا وفرنسا وهولندا وأمريكا. كانت هذه المواقف الهزلية التي تقفها حكومة الدويلات شبه المستقلة كمصر والعراق، تقدم رجلا وتؤخر أخرى!

وكانت العاقبة في الآخر هي هذه البلبلة في مواجهة الطغيان والمظالم الاجتماعية. منا من يريد مواجهتها باسم الإسلام، ومنا من يريد مواجهتها باسم الاشتراكية، ومنا من يدعو خفية للشيوعية. والإقطاع العارم وإلى الفاجرة يقفان في الجبهة الأخرى صفا، يضربان هؤلاء بأولئك، ويوقعان بينهم الفتنة والبغضاء!

وبين الحين والحين يخرج بغاث هزيل، وببغاوات فارغة تحذرنا من دعوة الإسلام ومن راية الإسلام. تحذرنا عداء العالم الغربي إذا نحن هتفنا باسم الإسلام، وتجمعنا كتلة تحت رايته كان هذا العالم يساقينا اليوم كؤوس المودة!. وتحذرنا الفرقة والتنابز في داخل الوطن الواحد. كأننا اليوم جبهة واحدة لا شراذم وشيع وفرق!

وتحذرنا ما هو اشد وأنكى تحذرنا طغيان الحكم الإسلامي. . تحذرنا هذا الطغيان كأنما ننعم

<<  <  ج:
ص:  >  >>