اليوم في بحبوحة الحرية! وتحذرنا ألاعيب رجال الدين المحترفين. كأننا الآن لا نذوق منها الأمرين!
إنها تعلات فارغة لا تخدم أحداً إلا المستعمرين الذين يفزعون من فكرة التكتل الإسلامي تحت راية الإسلام، لأنهم يدركون ما أدركته الملكة فكتوريا، وما أدركه جلادستون من أن راية القرآن يجب أن تمزق قبل أن يتسنى للرجل الأبيض حكم هذه البقاع الإسلامية. ولأنهم يدركون أن ظل الاستعمار الأسود سيتقلص يوم ترتفع هذه الراية من جديد.
أن الاستعمار الغربي لا تخفى عليه ضخامة القوة التي يمكن أن تواجهه في ميدان الحرب والسياسة والاقتصاد لو تكتل الوطن الإسلامي. لا تخفى عليه ضخامة الموارد البشرية والمادية التي يمكن أن يحشدها لا يخفى عليه أن الدفة سيتحول اتجاهها يوم يقف أربعمائة مليون من البشر تحت راية واحدة وفي ظل عقيدة واحدة، ونظام اجتماعي واحد.
أن الرأسمالية والشيوعية كلتيهما لترتعشان من هذا اليوم (الرأسمالية) لأنها تعلم أن الأسس الاقتصادية التي تسمح لها بالربى والاحتكار والاستغلال الرأسمالي. . كلها ستتحطم يوم يحكم الإسلام، فيقيم بنائه الاقتصادي على أسسه الاقتصادية الخاصة التي تطرد المرابين والمحتكرين والمستغلين، ولا تسمح لهم في ظلها بهذا النشاط الآثم الظالم. ويومئذ يخرج من قبضتها الاقتصادية الاستغلالية هذا العالم المترامي الأطراف من شواطئ الأطلنطي إلى شواطئ الباسفيكي. يخرج من قبضته المؤامرات إلى - كما خرجت دول الكتلة الشرقية تماما في ظل الشيوعية - وعندئذ تضيق الأرض بما رحبت. فماذا يبقى للرأسمالية الغربية حين يخرج العالم الإسلامي كله من قبضتها وقد خرجت من قبل كتلة العالم الشيوعي؟ إن الرأسمالية الغربية يومئذ تختنق وتسقط جثة هامدة. وذلك ما يخشاه المستعمرون من الراية الإسلامية والحكم الإسلامي. وما قد يخيفهم اكثر من الجيوش والكتائب التي يجردها الوطن الإسلامي عليهم لتسحقهم سحقا.
(والشيوعية) لأنها تعلم أن فرصتها الوحيدة في العالم هي الاختلال الاجتماعي والاقتصادي. فلا مجال للشيوعية في مجتمع عادل متوازن، لا تتضخم فيه الثروات، ولا تتضخم فيه الفوارق، ولا يسوده الربا والاحتكار والاستغلال الرأسمالي، ولا يقوم فيه العداء بين العمال وأصحاب العمل، لأنه لا سبيل فيه لتحكم أصحاب العمل ولا إلى غبن العمال.