ولما كان المجتمع الذي يمكن أن ينشئه الإسلام، حين يقوم على أصوله الصحيحة مجتمعا غير طبقي؛ لأن مصالح العمال لا تفترق فيه عن مصالح رأس المال، فالعمال أنفسهم أصحاب الحق في نصف الربح، كما أنهم أصحاب حق في تحويل نصيبهم أو بعضه إلى أسهم في مرفق العمل. ومجتمعا لا ترف فيه ولا شظف فكلاهما مكروه أو حرام. ومجتمعا لا تضخم فيه للثراء لأنه يحرم الربا والاحتكار والظلم في الأجور. ومجتمعا متوازنا لأن الدولة فيه ملزمة بإعادة توزيع الثروة كلما أصابها الاختلال. بل مكلفة أن تتخذ من الوسائل الوقائية ما يمنع كل ما قد يؤدي إلى هذا الاختلال. ومجتمعا كل المرافق العامة فيه مؤممة أو شائعة الملكية وليس فيها احتكار. . لما كان المجتمع الإسلامي كذلك فان فرصة الشيوعية في اقتحامها نادرة بل مستحيلة، ولهذا تحرص الشيوعية حرص إلى على مطاردة فكرة التكتل الإسلامي والحكم الإسلامي. وتطلق أبواقها يخوفون من هذه الفكرة أو يهونون من قيمتها، أو ينكرون أن تطبيقها العملي؛ ويبذلون من الجهود ما تبذله الجهة إلى سواء بسواء!.
وفي وسط هذا كله تتجاوب صيحة واحدة مشتركة في جوانب العالم الإسلامي، تدعوا إلى راية الإسلام، وتهتف بالوحدة الإسلامية، وتنادي بالحكم الإسلامي. . .
وليس الأخوان المسلمون هم الذين يستقلون بهذه الدعوة. وليس أصحاب التفكير الإسلامي من الكتاب والدعاة هم الذين ينفردون بها كذلك إنما هي دعوة تنبعث من ضمير هذه الأمة الإسلامية، من حيث تحتسب ومن حيث لا تحتسب.
إنها تنبعث من حكومة الباكستان تدعو إلى مؤتمر اقتصادي إسلامي، لتنظيم اقتصاديات العالم الإسلامي على أسس إسلامية.
إنها تنبعث من آية الله كاشاني زعيم إيران الروحي، يصرخ في وجه الإنجليز الكلاب أن يخرجوا لا من إيران، ولكن من الوطن الإسلامي. ويبعث بتشجيعه وتوجيهه إلى رئيس الوزارة المصرية. ويطلق المظاهرات في شوارع إيران تأييدا لمصر في قضيتها.
إنها تنبعث من علال الفاسي ومحمد حسن الوزاني زعيمي مراكش، التي حاربتها فرنسا في دينها بالظهير البربري سنه ١٩٣١ لأنها يئست من إخضاع مراكش قبل أن تمزق وحدتها الدينية.