وأنتم حينما تأخذون في هذا السبيل المؤدي إلى تقويم مناهج التعليم وبعث الروح فيه، ستعترضكم عقبات من نوع مغاير للعقبات المالية، هي عقبات في عقول المتولين المباشرين لشؤون التعليم، أعني حفظ النظم الجامدة، وورثة الأساليب الاستعمارية، أعني من هؤلاء وأولئك الجامدين والتافهين، الذين يعدون المناهج، ويؤلفون الكتب ويفتشون على المدرسين. . الخ.
لقد أطللتم على تلك الناحية من الإصلاح، من خلال التشريع الذي أعددتموه لإلغاء امتحان النقل بالمدارس، ولكن هذا لا يكفي، بل أنه لا يتفق مع المناهج والطرائق الحالية، بل مع تلك التعليقات، لأن إلغاء الامتحان مع بقاء ذلك لا ينتج غير كسل المعلمين وجهل التلاميذ.
إنك يا معالي الوزير الأديب عقلية جديدة على وزارة المعارف، وأقول لك - وقد حرضتني أو شجعتني على مثل ذلك - إن اكثر معاونيكم في الوزارة ليست عقليتهم من جنس عقليتكم، وإنما هم يحترفون وسائل الوصول، وإن سحب هؤلاء حولكم تحجب كثيرا من العناصر الصالحة.
وادعوا الله مخلصا ألينا يوفقكم ويعينكم على التغلب على العقبات العقلية، كما وفقكم وأعانكم على العقبات المالية.
وبقية حديثي إليكم هذا الأسبوع، يا عميد الأدباء، في مسألة تخص أحد إخواننا الأدباء، وهو الأستاذ عبد الله حبيب، فقد أصدرتم قبل سفركم إلى أني قرار بترقيته إلى (مراقب مساعد) في الإدارة العامة للنشاط الاجتماعي والرياضي، وحدثت قراء الرسالة إذ ذاك بهذا الصنيع الكريم لأديب قضى في خدمة الأدب العربي قرابة ثلاثين سنة، وعرفه قراء العربية ناقدا ومحققا وقاصا بارعا وعددنا ذلك مما جريتم عليه في مودة الأدباء وخدمتهم سواء في الوزارة أو في خارج الوزارة.
وكان المفروض ألينا يأخذ ذلك القرار الكريم طريقه إلى التنفيذ من مكتب المستشار الفني لوزارة المعارف، ولكنه قبع في هذا المكتب ولا يزال قابعا حتى كتابة هذه السطور. ولست ادري أنسيته سعادة المستشار؛ أم هو يحبسه لغرض لا نعلمه. الأنوار الذي أنا على يقين منه ألينا معاليكم أصدرتم هذا القرار لينفذ ويعمل به.