في فنه الجغرافي، والأشراف على تعليم الجغرافية أو الارتفاع به في وضع مناهج للمدارس والتأليف فيها، فإن ذلك أجدى من اشتغاله بمواعيد حضور الموظفين وانصرافهم بإدارة الثقافة وما إلى ذلك من الشؤون البعيدة عن أستاذيته.
كلوا وأعملوا:
شغلت الصحف في الأسبوعين الماضيين بأنباء المواطنين الذين اضربوا عن الطعام واعتكفوا بنادي الكتلة الوفدية، طلبا لإلغاء معاهدة سنة ١٩٣٦، وأخذت هذه الحركة شكلا جديا وطنيا، لاهتمام الصحافة ولتأييد الكثيرين للمضربين، وقد تألفت لجنة لهذا التأييد. وأرادت الحركة أن تكبر حينما دعا الداعون جميع المواطنين إلى الإضراب عن الطعام يوما من الأيام. .
كان ذلك فعلا مظهرا من مظاهر إرادة الشعب للتخلص من هذه المعاهدة التي يشعر إنها من نكد الدنيا عليه. ولكن الحق أنني لم استسغ هذا العمل أو بتعبير أدق (اللاعمل) مع احترامي للدوافع الوطنية التي دفعت هؤلاء المواطنين إلى هذا الإضراب وتقديري لقدرتم على مشقة الحرمان.
الإضراب عن الطعام وسيلة سلبية الغرض منها حمل الآخرين على عمل معين، يلجا إليها الأطفال مثلا للإعراب عن غضبهم كي يحملوا الأمهات والأباء على إجابة رغباتهم؛ وكثيرون من الأباء والأمهات يقفون موقف الحزم من أولادهم الغاضبين على الطعام لكيلا يعتادوا ذلك. . ويلجأ إليها بعض الوطنيين كي يحركوا الضمير الإنساني العام الذي دلت الحوادث على فقده. . أو ليحملوا مواطنيهم على الاتفاق في وجهة وطنية معينة، وكان هذا غرض (غاندي) من صومه.
ولست أشبه مواطنينا الذين اضربوا، بالأطفال، وإنما ذلك من باب استيفاء الصور الواقعة، وقد علمنا أن الضمير الإنساني لا وجود له، بدليل أننا لم نكسب بإضرابهم، ولم يكن ينتظر أن نكسب لو متنا جميعا من الجوع، أي عطف أو تأييد من آية دولة من الدول، في آية هيئة من الهيئات العالمية!.
أما التشبيه بغاندي فلا موضع له، فكلنا - حكومة وشعبا متفقون على وجوب إلغاء المعاهدة، فلا معنى لذلك الإضراب إلا المطالبة بالإلغاء قبل الدراسة الكاملة للموضوع، ولن