والفتيان، وهم يتساءلون عما أوجب حشدهم بتلك الطريقة، وما أن دخلوا الكنيسة حتى حاصرتهم الجنود من الخارج، وألقى الكاهن على مسامعهم الأمر الرهيب بصوت ملأه حنواً ورأفة. وفي مدة قصيرة كانت السفن حاضرة على الشواطئ، فحشد فيها السكان بطريقة عسكرية قاسية كان من نتائجها أن تفرقت أسر كثيرة، وأضاع أفرادها بعضهم بعضاً.
وكان بين الذين نقلوا إلى الولايات الشرقية فتى وصبية كان الكاهن قد عقد قرانهما في ذلك الصباح فقط. فأضاع أحدهما الآخر، وبقيت (إيفانجلين) تجوب السهول والقفار وتقطع الأنهار، وتنام الليالي على الطوى كل حياتها باحثة عن (جابريال) إلى أن انخرطت في سلك الممرضات، بعد أن قطعت الأمل في وجوده، فإذا بها يوماً تلتقي به بين المرضى، فعرفته برغم التغير العظيم الذي طرأ عليه. وكانت صدمة عنيفة أودت بحياته لضعفه، وأودت بحياتها هي لسرورها وحزنها المتعاقبين.
وما انتهى الصديق من سرد قصته حتى التفت (لونجفلو) إلى (هوثورن) قائلاً: (أتعدني بألا تكتب شيئاً عن هذه الحادثة حتى أنتهي من نظم قصيدتي؟) ووعد (هوثورن) وبدأ (لونجفلو) في نظم القصيدة التي خلد فيها بطلي ذلك الحادث، فخلداه بدورهما، وجعلت (ايفانجلين) اسمه يطبع بحروف كبيرة على صفحات الجرائد، وتتوارد عليه رسائل الإعجاب تترى.
ومن الغريب أن (لونجفلو) لم ير قط مشاهد قصيدته، مع أن الوصف فيها كان مطابقاً للحقيقة كما شهد الذين سكنوا تلك الأمكنة
وقد اقتبست من قصة (ايفانجلين) رواية سينمائية أخرجت في عهد السينما الصامتة، وقامت بالدور الأول فيها الممثلة المكسيكية الفاتنة (دولوريس دليرو).