القهر والعنف، ومجيء جيل آخر تربى في أحضان الصحراء، تحت سمع الحرية وبصرها، وكان على يديه فتح الأرض المقدسة.
وكما يحلوا لعلما النفس، أن يوجهوا نصائحهم وإرشاداتهم إلى مربي النشء فإننا نرى كذلك ابن خلدون، بدل المربين على الطريقة المثلى في التربية الصحيحة فيقول: فينبغي للمعلم في متعلمه، والوالد في ولده، ألا يستبدوا عليهم في التأديب. ومن أحسن مذاهب التعليم ما تقدم به الرشيد لمعلم ولده محمد الأمين فقال: يا أحمد إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه. وثمرة قلبه. فصير يدك فيه مبسوطة، وطاعته لك واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين. . أقرئه القرآن، وعرفه الأخبار، وروه الأشعار، وعلمه السنن، وبصره بمواقع الكلام وبدئه، وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه، ورفع مجالس القواد إذا حضروا، ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها، من غير أن تحزنه فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة.