قال أبو الحسن الأنباري في رثاء أبي طاهر محمد بن بقية وزير عز الدولة بن بويه عندما صلبه عضد الدولة، وتمنى الشاعر أن لو كان هو المصلوب، وقيلت فيه هذه القصيدة التي قال في مطلعها:
علو في الحياة وفي الممات ... لحق تلك إحدى المعجزات
ومنها:
ولما ضاق بطن الأرض عن أن ... يضم علاك من بعد الوفاة
أصاروا الجو قبرك واستعاضوا ... عن الأكفان ثوب السافيات
ومنها:
ولم أر قبل جذعك قط جذعا ... تمكن من عناق المكرمات
حتى المرأى كانت ترى أنه صاحبة المعالي حين تبدي زينتها وتمشي تيهاً ودلالاً، فقد كتبت ولادة بنت المستكفي على تاجها بسلوك من الذهب:
أنا والله أصلح للمعالي ... وأمشي مشيتي وآتيه تيهاً
وأمكن عاشقي من لثم ثغري ... وأعطى قبلتي من يشتهيها
وليس يصلح للمعالي كل من استند إلى نسب أو حسب، وإن كان يصلح لها خامل الآباء إذا طلب الأسباب، لهذا يقول أبو الأسود الدؤلي:
كم سيد بطل آباؤه نجب ... كانوا الرءوس فأمسى بعدهم ذنبا
ومقرف خامل الآباء ذي أدب ... نال المعالي بالآداب والرتبا
وبالعزيمة الصادقة يبلغ المرء هذه الدرجات كما تقول ليلى الأخيلية:
فتى كانت الدنيا تهون بأسرها ... عليه ولا ينفك جم التصرف
ينال عليات الأمور بعزمه ... إذا هي أعيت كل خرق مشرف
ويتفلسف ابن المعتز في (مؤنة المعالي) فيقول:
(لن تكسب - أعزك الله - المحامد، وتستوجب الشرف إلا بالحمل على النفس والحال، والنهوض بحمل الأثقال، وبذل الجاه والمال، ولو كانت المكارم تنال بغير مؤنة لاشترك فيها السفل والأحرار، وتساهمها الوضعاء من ذوي الأخطار، ولكن الله تعالى خص الكرماء الذين جعلهم أهلها. فخفف عليهم حملها وسوغهم فضلها، وحظرها على السفلة، لصغر