مداهنة أو مصانعة لينال مالاً، وهو جماد غير محتاج إلى زلف أو تقرب ليكسب قلب امرأة. وهكذا كان الأستاذ يوسف جوهر واقعياً في خياله.
لست أعرف إذا كان الأستاذ يوسف جوهر قد أحسن أم أساء في التزامه هذه الواقعية فهو قيد نفسه بعنوانه. . والأقاصيص قد أدت الهدف التي أرادها أن تهدف إليه، ولم يعاقب على شر، ولم يثب على فضل ولكنه أدى، فإذا أراد المتزمتون المحافظون على الأخلاق أن يثوروا به فما عليه إلا أن يقول لهم:(هذه دنياكم فلا تثوروا علي؛ وإنما ثوروا بها إن استطعتم، وأنتم لا تطيقون ثورة فاسكنوا حتى يثب الله المحسن ويعاقب المسيء).
وإذا أراد القصاص الذين ينحون إلى المنحى الآخر من الإنابة والجزاء أن يثوروا قائلين: إن الأقاصيص لم تنته؛ فهو قائل لهم (بل قد انتهت وعلى القارئ أن يقيم نفسه، قاضياً وأنا إنما أروي لكم وأصور أشخاصاً، ولا أحب أن أكون قاضياً بينهم؛ بل إنني لا أحب أن أكون محامياً في الأدب.)
أحار فيما إذا كان قد أحسن أم أساء حيرة أنظر فيها إلى العرف الذي كان جارياً، أما إذا نظرت إلى نفسي فهو قد أحسن وأصاب ما أراد أن يصيب، وليس عليه من حرج ولا جناح ولكنني آخذ عليه هذه الصبغة المتشائمة التي أراقها على قصص الحياة ما إن الحياة ليست قائمة إلى هذا الحد، والتشاؤم بعد يأس. . وليس مع اليأس فلاح. . لابد للمحاول من قبس يهتدي به إذا حاول، فالصور الداكنة لا تشجع على المحاولة.
وبعد فكل ما نرجوه إلى الأستاذ يوسف جوهر أن ينظر إلى أدبه أكثر مما يفعل الآن، فهو قلم نحب أن نقرأ له، وتحب العربية أن تقرأ له أدباً خالصاً، وفناً رفيعاً. نرجو منه ذلك مهما كان في رجائنا حيف عليه، ومهما كنا نعلم ما سيلحق به إذا حقق هذا الرجاء، ولكنه فنان وأديب فعليه أن يؤدي للفن حقه، ما دام الفن قد أدى إليه حقه.