تقدير، وقد وقع الطاعون والفيضان في أواخر عام ١٢٤٦هـ، وبعد دخول الوالي الجديد على رضا وقد هلكت أكثر نفوس بغداد حتى لم يبق من نفوسها غير عشرها! كما تدمرت مرافقها العمرانية وقصورها ومنشآتها الأخرى، وهنا لابد أن نشير إلى التصادم المسلح الذي وقع بين أعوان الوالي القديم وأعوان الوالي الجديد وهذا أدى إلى قتل الكثير كما أدى إلى حريق عظيم أنتشر في بغداد.
وقد عمد الوالي الجديد علي رضا إلى ترميم ما وقع، كما سعى بهائه إلى القضاء على سلطة المماليك والانكشارية وبذلك أنهى عصر المماليك الذي دام ثلاثة وثمانين عاماً (من ١٧٥٠ إلى ١٨٣٣) والذي ختم بانتهاء حكم داود باشا، وبعد القضاء على سلطة المماليك التي أنزلت على البلاد خسفاً وظلماً، دبت الحياة في بغداد ورجع إليها أهلوها الذين تفرقوا أيدي سبأ في القرى المجاورة والمدن البعيدة؛ كما دخلتها التقسيمات الإدارية والتنظيمات الحديثة في جهاز الدولة المتداعي؛ إذ أنه في عهد علي رضا أصدر الخليفة العثماني عبد المجيد (خط كولخانة) وذلك في عام ١٢٥٥هـ (١٨٣٩م)، وهذا الخط في أول بشائر الإصلاح في الولايات العثمانية الذي بدأ في عهد سلفه السلطان محمود الثاني القاضي على سلطة الانكشارية في الدولة عام ١٢٤١هـ (١٨٢٦) وأول من أدخل التنظيمات العسكرية الحديثة في الجيش العثماني، وتبع علي رضا في تسلم ولاية بغداد محمد نجيب باشا (ولايته عام ١٨٤٢م) ونجيب هذا قوي وذكي. سار كسلفيه علي رضا وسابقه داود على منهج إصلاحي وأشتهر بتأديبه العشائر الثائرة في أطراف العراق واستعماله سياسة القوة في ذلك. وكان الأخير هو عبد الكريم باشا ولم يكن كأسلافه في شؤون الولاية والإدارة وبعده جاء رشيد باشا. عاصر الألوسي أبو الثناء هؤلاء الولاة، وكان كل منهم الحاكم بأمره والمطيع الأعمى أيضاً ينفذ ما يريده السلطان العثماني من جباية المال، وجمع الضرائب. والألوسي بطبيعة الحال وبطبيعة مراكزه ووظائفه المتصلة اتصالاً مباشراً بالجمهور، ينصاع لتيار الرأي العام ويستجيب لمطالبه وحاجاته، ولم يكن الألوسي بالرجل الجبان ولا بالشخص المستسلم لمشيئة أولي الأمر ولولاة البلد، بل كان على العكس لا يهاب السلطان، ولا يخشى الولاة، ولهذا نراه ينضم إلى الأحزاب المعارضة للسلطة الحاكمة، نراه يناصر داود باشا على علي رضا باشا في وقت عز النصير لداود، وانفرط من كان حوله من