أن صعد سكرتيره إلى بعض الحجرات فوجد حجرة خالية بها ثلاثة مكاتب لثلاثة من الأساتذة الموظفين، وكان واحد منهم يتحدث بالتليفون في حجرة أخرى، والثاني يقف في الردهة، والثالث في المرحاض، فأغلق السكرتير الحجرة الخالية لأن موظفيها ليسوا على مكاتبهم. . وذهب بالمفتاح إلى سعادة المدير العام، فحكم على العمل أن يظل معطلاً بقية اليوم. .
ونحن مع الدكتور في رغبته المحمودة أن يدفع عن إدارة الثقافة ما ترمي به من التقصير، ولكنا نخالفه في الطريقة.
الواقع أن أدباء الثقافة لا يستخدمون في تحقيق الأغراض الثقافية المنشودة كما ينبغي، ولكن ليست الوسيلة أن يحضروا في الثامنة صباحاً وينصرفوا في الثانية بعد الظهر، وأن تغلق حجراتهم ليشربوا قهوة لدى المدير العام، إنما الوسيلة الصحيحة أن ينظم العمل الفني وتذلل عقباته وتوضع المشروعات الثقافية التي تستغل فيها جهود أولئك الفنيين، والدكتور حزين بك أستاذ موفور النشاط، ويمكن أن يكون نشاطه مجدياً لو وجه طاقته إلى معالجة المسائل الثقافية وتوجيه الجهود إلى الإنتاج الذي يرفع شأن الإدارة ويدفع عنها ما تعاب به، فهناك مثلاً التراث الثقافي المعطل، والذي يتمثل في عشرة كتب مخطوطة دفعت الوزارة ثمنها لمحققيها، ثم حكم عليها بالحبس! وهناك - مثلاً أيضاً السجل الثقافي الذي شعرت البيئات الثقافية في مصر والخارج بفائدته، وأبدى الجميع أرتياحهم إليه، هذا السجل صدر منه عددان عن سنتي ١٩٤٨، ١٩٤٩ ولا يزال سجل ١٩٥٠ واقفاً ينظر إلى الميزانية وينتظر أن يسمح بالأخذ في إجراءات طبعه وقد أوشكت سنة ١٩٥١ أن تنتهي. . وقد صدر كل من السجلين الأولين في أوائل السنة التي تلي سنته وكان ذلك في الوقت الذي لم يكن فيه أحد يقول لمحرريه: لماذا تأخرتم وأين كنتم!
والدكتور حزين بك أستاذ جامعي، والذي يليق به أن يهتم بالبحث الثقافي ويتبادل الرأي مع من يعملون معه من الأدباء بقية الوصول بالأعمال الثقافية إلى أهدافها المقصودة، وقد بدأ استعداده لذلك حينما دعا الموظفين الفنيين إلى الاكتتاب لإقامة حفلات شاي، وقد توالت هذه الأكتتابات، وأقيم بعض الحفلات، ولكن لم يحدث فيها سوى تناول الشاي وبعض الحلوى، فلم يتحدث في موضوع، ولم يجد تعارف، فالجميع زملاء يعرف بعضهم بعضاً من قبل،