(وأبداً لن ينسى يا دار هواه، يا من كنت وحي قلمه ومهبط إلهامه وحديث أمانيه. . لن ينسى حين غاب عنك أياماً ثم ذهب ليرى أهلك في آخر يوم من رمضان، ملء يديه كما كان بالأمس زهر، وملء عينيه أمل، وملء قلبه حب، وملء نفسه دنيا من الأحلام. . لقد كنت يا دار واجمة، كئيبة، يمرح في جنباتك الصمت، ويطبق السكوت! أين يا دار من كانت تفتح له أبواب الشعور بالدنيا على مصاريعها؟ أين. . أين. . الخ. .)
فأنت إذ تقرأ هذه السطور تحس كما لو كنت أنت صاحب من الأعماق أيا جئت إلى دار الحبيبة لتزورها فإذا بالدار واجمة، والأهل صامتون والدنيا مظلمة وكل شيء ينطق بالموت، بالخراب، بالدمار. . ورحمة الله على صاحبه ذلك القلب الكبير. . . وعزاء للصديق المفجوع بأعز أمانيه. .
ومن تلك الآراء التي أوافق عليها موقفه (حول مشكلة الفن والقيود) ص١٦ و (حول مشكلة الأداء النفسي) ص٣٩ و (الفن والحياة) ص٨٥ و (رأي في كتابة القصة) ص١٧٢ و (بيتان لجميل بثينة) ص١٧٥.
وأكثر آرائه في القسم الثاني من الكتاب بعنوان (كتب في الميزان) من ص١٧٩ إلى ص٢٤٧. اللهم إلا رأيه في أبيات عمر أبو ريشة:
أتريد الوجود، منهتك يرينا أسراره عريانا
ويفض الفدام عن قلبه السمح ... ويجريه للعطاش دنانا
لو بلغنا ما نشتهي لرأينا الله ... في نشوة الشعور عيانا
وأبيات محمد مهدي الجواهري:
على الحصير وكوز الماء يرفده ... وذهنه ورفوف تحمل الكتبا
أهوى على كوة في وجهه قدر ... فسد بالظلمة الثقبين فاحتجبا
فأنا أخالفه. . فهو يعتبر أبيات عمر أبو ريشة عادية لا حس فيها ولا حركة، وأبيات أو بيتي الجواهري من الفن الأصيل الذي يهزه ويهتز لها صاحب (تحت المبضع)، فأنا بالرغم من الذين يقدرون موسيقى اللفظ وقوة السبك وأصالة الديباجة لا أظن أن شعر الجواهري مهما سما يصل إلى أخيلة أبو ريشة. ولما كنا في صدر الكلام عن الأبيات