(بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن، فله أجره عند ربه، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. . . إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون - إن الله يأمر بالعدل والإحسان. . . وقولوا للناس حسناً - للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة - ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، أدفع بالتي هي أحسن - الذين ينفقون في السراء والضراء، والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين - أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا، ويدرءون بالحسنة السيئة - والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية، ويدرءون بالحسنة السيئة، أولئك لهم عقبى الدار).
والبر من أنواع الضريبة الإنسانية التي لها قدرها ولا غرو. فهو جماع أنواع الخير، وفيه تتجلى آيات الرحمة والإخاء والوفاء. ولا يكون المرء المعترف بضريبة الإنسانية مؤدياً لها إلا إذا جند نفسه للبر جهد المستطاع. وليس بعجيب بعد هذا أن تر في كتاب الله تعالى يدفع المسلمين إلى التعاون على البر، ليعيشوا في ظلال الأخوة الصادقة. وقد أشار القرآن الكريم إلى البر وإلى أن سبله جميعها تلتقي عند هدف واحد هو الخير، وخلاصة هذه السبل إيمان كامل، ومعروف دائم، وطاعة خالصة، ووفاء بالعهود، وصبر على المكاره:
(وتعاونوا على البر والتقوى. . . - ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر، والملائكة والكتاب والنبيين، وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا، والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، أولئك الذين صدقوا، وأولئك هم المتقون).
والمرء حين يؤمن بأن هناك نعماً عظمى أسبغها عليه الخالق جل وعلا، يجب عليه أن يؤدي شكر هذه النعم العظمى له، وليس هناك أعظم شكراً لله من أن تدفع ضريبتك الإنسانية في حياتك. ولقد ندد القرآن بالإنسان المارق، المنغمر في نعم الله، وهو في نفس الوقت مصر على الكفران بها، وعدم الاعتراف بما تفرضه الإنسانية عليه من ضريبة، فلم يحطم العقبة، ليفك رقبة ويحررها ويطعم اليتيم والمسكين في يوم ذي مسغبة، ويكون من الذين يتواصون بالمرحمة. . .
(لقد خلقنا الإنسان في كبد - أيحسب أن لن يقدر عليه أحد؟ يقول أهلكت مالاً لبداً، أ