وكن يا أخي مكان علي طه. . ولكن يجب أن تعلم أن علي طه نزل إلى الشعب وتغنى بإحساسه في أروع قصائده كالقصيدة التي خلد بها أبطال الفلوجة وقصيدة (أخي أيها العربي) التي غناها عبد الوهاب.
وكيف تسألني الموافقة على رأيك ذاك وكتابتي - إن كانت تنال شرف تتبعك لها - تدل على أنني من أنصار الدعوة إلى اتصال الأدب بالحياة الواقعية الجارية؟ وبعض الناس يسئ فهم هذه الدعوة، فيظن غايتها الكتابة العلمية أو الصحفية المجردة من الجمال الفني. كلا، إننا نبغي أن يتناول الأديب صورة الحياة الشعبية ويعنى بإنسانها وصوالحه، بعد أن يخلطها بنفسه ويمزجها بشعوره، ويمسها بعصا فنه السحرية، فيخرجها أدباً حياً جميلاً، ينفع ويمتع. كل ذلك ولا يخرج الإنتاج عن أن يكون فناً، ولم نجعل الفن جمالاً فارغاً؟ أليس الأحسن أن يخرج جماله بالتوجيه والتسديد؟ ثم ما هو معنى (الفن للفن) هل هو أن تكون غاية الإنتاج الفني الجمال الذي لا شيء وراءه؟ إذا كان كذلك فإننا ندع أصحابه وشأنهم، يقولون ما يريدون ويقرأ لهم من يحب قراءتهم، كما ندع (هواة طوابع البريد) مثلاً. لكل امرئ شأن يغنيه. ولا أحب أن نذهب في ذلك مذهب السوفيتيين من حيث فرض الاتجاه، كما عرض لنا ذلك الأستاذ عمر حليق في مقاله القيم (الدولة والأدب في الاتحاد السوفيتي) فليكن عندنا ذلك اللون العاجي ما دام فينا من يريده من المنتجين والمستهلكين.
وإذا اعتبرنا الأدب المتصل بالحياة الواقعية فناً، وهو كذلك، فإن الكلمة الذائعة (الفن للفن) تنطبق عليه أيضاً، فهو فن ينشأ لأنه فن. . ولم تخرجه موضوعيته الحيوية عن فنيته. وعلى هذا التفسير يمكن أن تقبل هذه القضية، وليكن الفن للفن.
ولم يعجبني منك يا أخي أن تزدري الشعب، إن الناس في طريق التعلم ولابد أن يدنو الأدب منهم ليدنو منه، فليلتقوا به في منتصف الطريق، يرون به صورهم ويلمسون فيه اهتمامه بهم ونحن من صميم هذا الشعب، ولا ينبغي أن يبعدنا عنه ما أصبنا من أدب وعلم وثقافة، وقد قام فعلاً أدباء من صميم الشعب وضاقوا بجهالته وأعرضوا عنه، ولكننا الآن في طريق جديد، هو الاهتمام بهذا الشعب والأخذ بيده في مختلف نواحي الحياة، فلم لا يكون الأدب كذلك من وسائل ترقيته، بل لم لا يكون هو اللسان المعبر عن النهضة الشعبية