القس ومعهم نساؤهم وأطفالهم حتى بلغ عدد الجميع مائة وأربعين ألف نفس، فما كان من القيصر (نيقولا الثاني) إلا أن أصدر أمره بإطلاق النار على هذا الحشد الحاشد، والجمع الزاخر، فمات منهم ما يزيد على الألف، وجرح أكثر من ألفين، حتى جرت الدماء أنهاراً في شوارع بطرسبورج.
ومن هنا أستغل البلشفيك، وهم الأكثرية المتطرفة من الشيوعيين، هذه الحادثة حيث كانوا يسيرون في الموكب، وقتل بعضهم وقبض على البعض الآخر، فأفهموا فيما بعد العمال أنهم مخدوعون في القيصر ورجاله، وأن خلاصهم مما يعانون لا يكون إلا عن طريق القوة المسلحة. .!!
ويتناول الفصل الثاني من الكتاب عجالة في تاريخ نشأة الشيوعية في روسيا وتطورها إلى ابتداء الحكم الشيوعي. وكيف كان الشيوعيون الروس في أول أمرهم ينتمون إلى دوائر وهيئات (ماركسية) سرية صغيرة نبتت في البلاد تباعاً، وكانت أقدمها (هيئة تحرير العمال) التي تألفت عام ١٨٨٣، ألفها (بليخانوف) أحد أعضاء الهيئات الثورية القديمة التي كانت تعمل في روسيا سراً قبل أن تعرف (الماركسية) وفي ١٨٩٥ أسس (لينين)(عصبة سان بطرسبورج الكفاحية لتحرير طبقة العمال) ووحد فيها جميع دوائر العمال الماركسية بالمدينة، ويعتبر لينين أبو الشيوعية المتطرفة في روسيا، وأكبر حاقد على الحكومة القيصرية!!
وقد أغتنم البلشفيك فرصة الاستياء من القيصر لهزيمة الجيوش الروسية في الحرب العالمية الأولى، فأعلنوا ثورتهم يوم ٢٦ فبراير سنة ١٩١٧ وظلوا في نشاطهم حتى تم لهم قلب الحكومة المؤقتة في يوم واحد، يوم ٢٥ أكتوبر سنة ١٩١٧ وفي المساء عقد مؤتمر عام لمجالس السوفييت، فصار هذا منذ تلك اللحظة أساس نظام الحكم في روسيا، وألف المؤتمر أول حكومة اشتراكية سوفييتية في روسيا وجعل إدارتها في يد مجلس يسمى (مجلس مندوبي الشعب) وأسندت رياسته إلى (لينين).
وتحدث الأستاذ الكبير في الفصل الثالث عن سير الحكم الشيوعي في روسيا من الوجهة الاقتصادية، وموت (لينين) في هذه الأثناء، وترشيح (ستالين) لرياسة الحزب خلفاً منه، وفي الفصل الرابع عن الحالة السياسية والاجتماعية نقلاً عن كتاب الشيوعية في ميدان