للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أن هناك دليلاً آخر، وهو أن ديوان (علي بن الجهم) هو بين أيدينا في طبعته الوحيدة المحققة التي أخرجها أخيراً الأستاذ الجليل مردم بك ونشرها المجمع العلمي العربي بدمشق سنة ١٩٤٩ عن نسخة خطية وحيدة في العالم كله، محفوظة في (الإسكوريال) تحت رقم ٣٦٩، ومنسوخة سنة ١٠٠٢ هجرية بخط مغربي. فليس في هذا الديوان المطبوع حديثاً لابن الجهم أثر لهذه الأبيات السينية، على الرغم مما بذله العلامة مردم بك من جهد في إضافة أشياء من شعر أبن الجهم لم تكن في النسخة الخطية، ولكنه استخرجها من بطون كتب الأدب والتاريخ والتراجم مطبوعة ومخطوطة.

والعجيب أننا لا نجد في ديوان أبن الجهم وفي قافية السين إلا خمس مقطعات صغيرة، ليس منها من بحر (البسيط) إلا اثنتان لا تعتمدان على ألف التأسيس كما تعتمد التي للشاعرة (فضل) التي أوردتها في كتابي، والتي هي موضع هذا الرد.

وقد فطن المرحوم الأستاذ عبد الله بك عفيفي إلى الوهم في نسبة الأبيات إلى علي بن الجهم، فذكرها في الجزء الثالث من كتابه (المرأة العربية) صفحة ٣٦ منسوبة إلى (فضل) الشاعرة. فأقر بذلك الأمر في نصابه، ووضع الأبيات موضعها الصحيح، بل أغلى من قيمة الشاعرة في أبياتها هذه فقال: وهل يحسن البحتري وأشباه البحتري أن يقولوا خيراً مما تقول فضل؟. وذكر الأبيات.

على أنه بعد هذه الأدلة المادية لا نرى وجهاً لأن تستكثر هذه الأبيات على الشاعرة (فضل) بعد ما قال عنها إبراهيم ابن المهدي: (كانت فضل الشاعرة من أحسن خلق الله خطاً، وأفصحهم كلاماً، فقلت يوماً لسعيد بن حميد: أظنك يا أبا عثمان تكتب لفضل رقاعها وتقيدها وتخرجها، فقد أخذت نحوك في الكلام وسلكت سبيلك. فقال لي وهو يضحك: ما أخيب ظنك! ليتها تسلم مني لأخذ كلامها ورسائلها! والله يا أخي لو أخذ أفاضل الكتاب وأماثلهم عنها لما استغنوا عن ذلك).

وأشكر الأستاذ الفاضل عبد العليم علي محمود الذي أتاح لي أن أدافع عن مسألة كنت واثقاً منها وأنا أضعها في كتابي (ملامح من المجتمع العربي).

محمد عبد الغني حسن

دائرة المعارف الحديثة:

<<  <  ج:
ص:  >  >>