للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ستلغي. . ستضرب العراق ضربتها الواحدة لتحقق بها ما حققت إيران وما حققت مصر في ضربتين متتاليتين. . والشمال الإفريقي كله على الإثر. . ويتطهر العالم الإسلامي. . يتطهر من أرجاس الصليبية الغربية، ومن عار الاستعمار الغربي. . .

الظل الأسود يتقلص. ولن تعصمه قوة الأرض عن التقلص. (لقد دالت دولة الرجل الأبيض) - كما يقول برتر أند رسل الفيلسوف الإنجليزي المعاصر - وتلك سنة الله في أرضه. ولن تجد لسنة الله تبديلا.

ولكن الصليبية التي لم يهدأ لها بال، ولم تغمض لها عين منذ القرن الحادي عشر إلى اللحظة الحاضرة. . . هذه الصليبية لن تلفظ أنفاسها الأخيرة في الشرق إلا بعد أن تبذل طاقتها، وقبل أن تنثر كنانتها.

إنها تدرك أن حركات التحرير في الشرق الإسلامي إن هي إلا صحوة العقيدة التي ظنتها الصليبية قد ماتت إلى الأبد. . . إنها لا تخطيء عناصر هذه العقيدة الخالدة في وثبة التحرير الحاضرة، وفرنسا التي قادت الحروب الصليبية، فرنسا هذه أشد حساسية بذلك الروح الإسلامي النابض في كل حركات التحرير. فهي تحذر من هذا الروح. تحذر منه اليوم علانية، وتنذر خطر (العالم الإسلامي). . أحست به في قوة، وإن كانت طوال حياتها لم تنس وجوده، ولم تفتر عن مكافحته، كما لم تفتر إنجلترا وسواها من أمم العالم الغربي عن هذا الكفاح!

وها هي ذي الصليبية تتجمع مرة أخرى لوقف المد الإسلامي الزاحف - ولكن هيهات! - لقد فات الموعد، ومضت عقارب الساعة ودارت دورة الفلك، وما عاد لقوة بشرية. على الأرض أن تقف في وجه التيار.

لقد انبثقت من ثنايا العدم باكستان. وتفلتت من قبضة الاستعمار إندونيسيا وسوريا ولبنان. وأفلتت من القراصنة إيران، وضربت مصر ضربتها المدوية، فوقفت الإمبراطورية المحطمة تترنح، وتطوح بيديها ورجليها في الهواء توهم الناس أنها قوية وأنها ستضرب، وإن هي إلا سكرات الموت، وصرعات الحمام! والشمال الإفريقي كله في الطريق، ولن يمتد الزمن طويلا قبل أن يضرب ضربته كذلك.

الظل الأسود يتقلص، والراية الإسلامية ترتفع، وترف وخفق، والكتلة الثالثة تتجمع في

<<  <  ج:
ص:  >  >>