هو يوم كأي يوم سيمضي ... أو مضى فالحياة لون كلون
سوف نقضيه وحدنا. . ثم ترضين، وأشكو، وتشمتين، وأثنى
في غرام مستهتر. . . يتصبى ... كل شيء فينا، ويحيى ويغنى
في صراع يطول بالراحتين ... وبجسمي وجسمك الماردين
وبما في شبابنا من حياة ... واشتهاء يطغى، وشوق يغنى
بين خمر رخيصة وأغان ... ساقطات، تجري، على غير لحن
ودخان معطر، نتعاطا ... هـ بعيداً، في وكرنا المستكن
وحديث مهلهل عن لياليه وعن قلبك الصغير المسن
نكات حفظتها عن (أبي النوا ... س) أو عن جحا الحكيم المفن
تتقاضينني عليها حياتي ... وتقولين قد رجعت بغبن. . .
وننتقل بعد ذلك إلى شعر المناسبات عنده، لنرى أن أهم ظاهرتين فيه أيضاً هما: الصدق والانطلاق
وبين يدينا قصيدته (فاروقية) قائمة على ذلك بالدليل، شاهدة عليه بالبرهان،. . يقول في مطلعها: -
حادي الشمس لا تعجل سراها ... فهنا لو علمت نبع سناها
مل بها ساعة. . . تبث هواها ... لجميل هامت به مقلتاها
ويقول في ختامها الرائع: -
ملك تخشع القوافي لديه ... ناهلات من سحره معناها
كل أيامه، ملامح مجد ... ملأ الدهر كأسه من طلاها
إن تناهى القصيد دون علاه ... فمعاني علاه. . . لا تتناهى
وكل ما عرفته عن حياته بعد ذلك موافق تماماً لشخصيته الفنية التي استخلصنا حدودها من شعره. . . فقد كان - على ما علمت - مسرفا لا يبقى في يده على شيء، سمح الخلق، رضى النفس. . . شيء واحد أثار تعجبي ودهشتي، ذلك أنه كان شاباً حدث السن، إذ ما كنت أن أتصور أن كل هذا النضج وكل هذه الأصالة، يمكن أن تتوفر لشاب في مثل سنه، والخطأ في دهشتي وتعجبي واضح بين، إذ أن القرائن في ماضي أدبنا العربي، وغيره،