للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن نتحدث بضع دقائق؟

فابتسم الشاب ولم يضطرب ولم يرتب، وأجابني قائلا - إنني أعرف أنك لست من رجال الشرطة، ومن الواجب علي أن أخبرك بأنني أنا أيضا لست من اللصوص المجرمين، ولكن لي رجاء أرجو أن تسمح لي بأن نواصل حديثنا في مكان يفضل هذا المكان. فأجبته بالقبول، وخرجنا من الصالة وقد تأبط الشاب ذراعي كأن صداقتنا وطيدة منذ زمن وبدون كلفة وسرنا معا في طريق مؤدية إلى سوق عمومية تزدحم فيه عربات الخضار والمشروبات المنعشة وتكثر فيه بائعات اللبن وهنا أشار الشاب إلى امرأة عجوز ممن جلسن وراء عربة لبيع اللبن وفي يدها وعاء فارغ انهمكت في تنظيفه بعد أن أفرغته لأحد المشترين.

فسألته - هل عزمت على سرقة هذه العجوز المسكينة؟

فابتسم ولم يجب - ولكنه تركني واتجه نحوها وألقى في وعاء اللبن الفارغ المحفظة التي سرقها عند شباك بيع تذاكر السينما، وعاد إلي متأبطا ذراعي وتابعنا مسيرنا من جديد. وابتدرني قائلا - أظنك أدركت الآن ما هي رسالتي التي اؤديها؟ وحسبي أنك فهمت ما هو العمل الذي أسعى من أجله؟ - أنني من محبي حفظ التوازن بين حظوظ الناس وثرواتهم - فكل ما ابغي أنني أساعد المساكين الفقراء! فها أنا أسرق من الأغنياء وأعطى الفقراء، آخذ من ذلك المترف الغني محفظة نقوده وألقيها في وعاء لبن هذه المرأة العجوز المسكينة المحرومة من نعم الدنيا، فها هي الحكومات تتقاضى الضرائب والرسوم من الأثرياء وأصحاب العقارات والدخل السنوي لتنفقه على المعدمين الفقراء، فأنا أساعد الحكومة بقدر أستطاعتي، وثق أنني أفعل هذا بالرغم مني مدفوعا بدافع غريزي لا أستطيع مقاومته، وقد دأبت على فعله منذ نعومة أظفاري. . . ولكن هيا بنا لنذهب لبيتي حيث أطلعك على السر كله - هل تحب؟ فأجبته بكل سرور - فقال إنك سترى على باب بيتي اسما محفورا على لوحة نحاسية (بيت شريف) وقد يحملك هذا الاسم على التفكير، فلا داعي إذن للتفكير فهو اسم والدي عن جدي - إن أجدادي كلهم كانوا يحترفون العمل الذي أحترفه اليوم. سنجد باب الدار مقفلا، وقد تكون مريم خرجت لزيارة إحدى صديقاتها. وفعلا وجدنا الباب مقفلا ولكنه قال لي سندخل من باب المطبخ - تعال معي - فدخلنا ودعانا الشاب للجلوس

<<  <  ج:
ص:  >  >>