استبشر المصريون خيراً واعتقدوا أنه عندما تضع الحرب أوزارها سيطبق عليهم هذا المبدأ لأن مصر قد وقفت بجانب الحلفاء وضحت معهم بالمال والأبناء وإذن فلم لا تتمتع بحريتها كاملة ما دامت قد قامت بنصيبها من أعباء الحرب التي أعلن الحلفاء أنهم ما قاموا بها إلا نصرةً للحرية وللديمقراطية وحماية للشعوب الصغيرة من الشعوب الكبيرة!!
وفي شهري سبتمبر وأكتوبر من ١٩١٨ بدأ كبار المصريين ومفكروهم يتشاورون في موقف مصر وفي مصيرها، وكان من السباقين إلى هذا الأمير عمر طوسون وسعد زغلول باشا. وقد خاطب الأمير سعداً (لأنه رأى فيه جرأة وإقداماً وقدرة على المناقشة والجدال).
وفي ١١ نوفمبر ١٩١٨ أعلنت الهدنة وتخلص العالم من الكابوس الذي كان يجثم على صدره.
وفي ١٣ نوفمبر ١٩١٨ قرع سعد ورفيقاه عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي أبواب دار الحماية، وقابلهم السير ريجنالد ونجت وتحدثوا إليه وسألوه عما تعتزمه بريطانيا إزاء مصر، وذكروا له صراحة أنهم قد جاءوا يطلبون استقلال مصر.
قال شعراوي باشا: نريد أن نكون أصدقاء بريطانيا صداقة الند للند لا صداقة الحر للعبد.
فأجابه ونجت: إذن أنتم تطلبون الاستقلال!
فصاح به سعد: نعم ونحن له أهل.
لم يعد المعتمد البريطاني زعماء مصر بشيء وإن أظهر عطفاً على مطالبهم ووعداً بمخاطبة حكومته. والمهم أن نذكر أن سعداً ورفاقه قد طلبوا الاستقلال التام.
أخذ سعد هذا يعمل على تنظيم (الوفد) وتم له ذلك ووضع القانون الأساسي للوفد وأهم ما جاء فيه:
١: تألف وفد باسم (الوفد المصري) من حضرات: سعد زغلول. عبد العزيز فهمي. علي شعراوي محمد علي بك.
عبد اللطيف المكباني بك. محمد محمود. لطفي السيد. إسماعيل صدقي. سينوت حنا. حمد الباسل. جورج خياط. محمود أبو النصر بك. مصطفى النحاس. حافظ عفيفي.
٢: مهمة هذا الوفد هي السعي بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلاً في استقلال مصر استقلالاً تاماً.