للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأحرار فنكلت بهم ونفي محمد فريد ومات شريداً طريداً بعيداً عن الوطن الذي أحب. مات يحتطب في ألمانيا.

وفي ١٩١٤ قامت الحرب العالمية الأولى، ولم يكن لمصر ناقة فيها ولا جمل، فهي حرب قامت بين ألمانيا والنمسا وتركيا في جانب، وبين إنجلترا وفرنسا في الجانب الآخر، ولكن مصر ذاقت منها الكوارث والويلات، وتتابعت عليها المحن والكوارث فأعلنت الأحكام العرفية والعسكرية، وعزل الخديو عباس الثاني لميوله العدائية نحو بريطانيا، وأعلنت الحماية البريطانية على مصر. لقد كانت مصر ترجوا فكاكاً من الاحتلال فجاءها ما هو أدهى وأمر إذ ابتليت بالحماية. ثم سيق أبناء مصر قسراً باسم التطوع إلى ميادين القتال فاستشهد منهم كثيرون دون ذنب جنوه ودون أن تشترك بلادهم في الحرب، وأبيح للقوات البريطانية أن تباشر جميع حقوق الحزب في أرض مصر وموانيها. وعم الغلاء وانتشر الوباء نظراً لقدوم الجند من مختلف بلاد الإمبراطورية البريطانية.

وأكثر من هذا لجأت السلطة إلى الاستيلاء على الحبوب والأقوات من الأهالي بأثمان حددتها ولم تترك لهم ما يكفيهم من أقوات، وزادت فجمعت الدواب ووضعت يدها قسراً على الممتلكات. وبلغ عدد المتطوعين من أبناء مصر ٠٠٠ر٠٠٢ر١ جندي وأرغمت مصر على أن تقدم ثلاثة ملايين ونصف المليون جنيه كهدية.

وقد كانت مصر وكان رئيس وزرائها حسين رشدي باشا يتوق إلى أن تقف مصر على الحياد في هذا النزال، ولكنه لم يكن حراً في اختيار السياسة التي يتبعها فقد كانت الحراب البريطانية تهدده، ولذلك اضطر إلى التسليم بما طلبته بريطانيا في ٥ أغسطس ١٩١٤.

وقد ارتاحت بريطانيا لموقف مصر هذا فإن مصر المعادية خطر يهدد بريطانيا.

وظلت الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ. اشتد الغلاء وصودرت الحريات وكمت الأفواه ومنع المصريون من إبداء رأيهم في نوع حكومتهم. وقد كان أكبر أسباب استياء المصريين الحماية. لقد كانوا يعملون على التخلص من الاحتلال فإذا به ينقلب إلى حماية، وانتظر المصريون بفارغ الصبر نهاية الحرب ليعرفوا مصيرهم ومصير بلادهم.

وأخيراً في ١٩١٨ آذنت شمس الحرب بالمغيب وأعلن الرئيس ولسن - وكان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية - مبادئه وأهمها أن (لكل قوم الحق في تقرير مصيرهم).

<<  <  ج:
ص:  >  >>