العربية في فلسطين، فأنشأهم معهداً في دير عمرو. أذكر وقت أن دعاني الفقيد الغالي لزيارة هذا المعهد سنة ١٩٤٦، فأقلتنا السيارة بين الوهاد والتلال إلى أن بلغنا قمة جبل، وقد انتصبت عليه أبنية حجرية جميلة. . . وراح رحمة الله يحدثني عما لاقاه من متاعب جمة لإقامة هذا المعهد للبنين، وعن عزمه على إقامة معهد آخر للبنات. فقلت له: وكم كلفكم بناء هذا المعهد؟. . قال: حوالي مائة وخمسين ألف جنيه فلسطيني، توليت تنظيم جمعها بنفسي
ولما بدأت الغيوم القائمة تتبلد في سماء فلسطين أسرع رحمه الله واستحصل من الحكومة المنتدبة على مبلغ مائة ألف جنيه لتتميم بناء مدرسة بيت حنينا وتجهيزها في قضاء بيت لحم، وتخصيصها للتلاميذ العرب في حالة تقسيم فلسطين، وقد عينت الحكومة لجنة أمناء لتحقيق هذا المشروع مؤلفة من الفقيد، والأستاذين نافذ الحسيني، وأنطون عطا الله، ثم أودعت اللجنة المبلغ مودعاً فيه
كانت مدرسة بيت حنيناً هذه تشغل حيزاً كبيراً من تفكير الفقيد إبان إقامته في لبنان. كان يمنى النفس بالعودة إلى وطنه ليعيد للعلم صرحه، لكن الأوضاع العمة لم تسعفه فانتظر وطال انتظاره
وفي العشرين من شهر إبريل سنة ١٩٤٨ لجأ رحمة الله مع قرينته الأديبة الفضلة السيدة عنبرة سلام الخالدي إلى وطنهما الثاني. . . وكأن إبان حياته في هذا البلد الشقيق عاملاً فعالاً من أجل تعليم أبناء اللاجتين، فأسس في جنوب لبنان مدرسة نموذجية قريبة الشبه بمعهد دير عمرو، وقد أعانه في تحقيق هذا المشروع ساكن الجنان رياض الصلح
لم يكف الفقيد لحظة واحدة عن الكتابة والتأليف عن لبنان، فكان يعقد الفصول في مجلتي (الأديب)، و (الرسالة) ونشر المقالات في جريدة (بيروت المساء) بعنوان - فلسطين في نصف قرن رأيتها تنهار -، وقد استخلص مقالاته هذه من كتابه الكبير الذي يحمل هذا الاسم والذي لم ينشر بعد
وأكب مؤخراً على وضع كتاب (التعليم عند العرب) وقد أنهاه وشرع في تنقيحه. . وورد ذكر هذا الكتاب في رسالته لقرينته التي كانت تقوم برحلة استجمام في ربوع إنكلترا مع شقيقها معالي صائب سلام، فقال فيها. (لقد بلغت يا عزيزي في تنقيح الكتاب حتى عهد