للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأحوالها المادية والأدبية

٢ - تريد مصر أن تكون حكومتها دستورية

وفي ٧ فبراير ١٩١٩ أعلن سعد زغلول باشا في خطبة له في دار جمعية الاقتصاد والتشريع بطلان الحماية قانونا حيث قال:

(إن بلادنا لها استقلال ذاتي ضمنته معاهدة لندن ١٨٤٠ واعترفت به جميع المعاهدات الدولية الأخرى. . إنكم تعلمون أيها السادة وكل علماء القانون الدولي يقررون أن الحماية لا تنتج إلا من عقد بين أمتين، تطلب إحداهما أن تكون تحت رعاية الأخرى، وتقبل الأخرى تحمل أعباء هذه الحماية، فهي نتيجة عقد ذي طرفين موجب وقابل، ولم يحصل من مصر ولن يحصل منها أصلا

في ١٩١٤ أعلنت إنجلترا حمايتها من تلقاء نفسها بدون أن تطلبها أو تقبلها الأمة المصرية، فهي حماية باطلة لا وجود لها قانونا. بل هي ضرورة من ضرورات الحرب تنتهي بنهايتها ولا يمكن أن تعيش بعد الحرب دقيقة واحدة.)

وهكذا كانت الحماية العامل الرئيسي في قيام ثورة ١٩١٩ وقد نجحت مصر في إلغائها ١٩٢٢ وإعلان استقلالها ثم انتهى الأمر بقيام معاهدة ١٩٣٦ بين مصر وإنجلترا. ربما كانت هناك ضرورات أدت إلى توقيع هذه المعاهدة ١٩٣٦ ولكن الواقع أن هذه المعاهدة كانت كارثة على مصر فإنها لم تحقق للنيل وحدته بل أكثر من هذا أنها اعترفت بشرعية الاحتلال. وقد وقفت مصر بجانب بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية وانتهى الأمر بانتصار بريطانيا فعملت مصر على مفاوضة بريطانيا لتعديل هذه المعاهدة على أساس تحقيق أهداف مصر وهي الجلاء الناجز عن الوادي وتوحيد مصر والسودان تحت تاج واحد، ولكن ذهبت جهود المفاوضين المصريين عبثا، واضطرت مصر إلى إلغاء هذه المعاهدة وإلغاء اتفاقيتي السودان ١٨٩٩ ثم وضع نظام دستوري لحكم السودان وقيام دولة اتحادية من مصر والسودان وأصبح جلالة الملك فاروق ملكا لهذه الدولة وأصبح لقبه ملك مصر والسودان

ومما يجدر ذكره أنه كما كانت الحماية باطلة قانونا فإن معاهدة ١٩٣٦ بدورها باطلة قانونا، وقد سجل ذلك المستر أوبنهايم أستاذ القانون الدولي بجامعة كامبردج في مؤلفه العالمي عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>