وعدوانا وترفض الجلاء عن مصر وتقف عقبة أمام وحدة الوادي، وهي بهذا لا تبغي خيرا لنفسها ولا لمصر ولا للسودان ألا ساء ما تفعل!! ولو أن بريطانيا أعلنت حقيقة نياتها منذ الاحتلال وعزمها على البقاء والإقامة في وادي النيل للقيت عنتا شديدا وإرهاقا فظيعا
وقد عبر عن هذا المعنى معالي الدكتور محمد صلاح الدين
باشا في كلمته التي ألقاها في مؤتمر الميثاق الوطني الذي عقد
بالقاهرة في ٢٤١٠١٩٥١ أجمل تعبير حيث قال: (إننا خدعنا
طويلا، وجاء علينا الدور لنخدع من خدعنا، ونخضع من
أخضعنا، وأن تكون كلمتنا هي العليا.)
كانت الحماية إذن هي السبب الرئيس لقيام ثورة ١٩١٩، وقد أعلن زعماء مصر أنهم يطلبون استقلال بلادهم منذ الساعة الأولى. أعلنوه حين قابلوا المعتمد البريطاني في ١٣ نوفمبر ١٩١٨، وأعلنوه في النداء الذي وجهوه إلى معتمدي الدول الأجنبية في ديسمبر ١٩١٨ والذي جاء فيه:
(باسم الوفد المصري أعلن إلى كل أجنبي في مصر من ذوي المصالح أن هذا الوفد الذي يسعى بذمة أهل البلاد يقرن بسعيه للاستقلال احترام المصريين لحقوق الأجانب كل الاحترام)
وأتبع ذلك ببيان في ١٠ يناير ٩١٩ جاء فيه:
١: إن مصر تطلب استقلالها:
أ: لأن الاستقلال حق طبيعي للأمم.
ب: لأن مصر لم تهمل قط أمر المطالبة بهذا الاستقلال، بل هي قد سفكت في سبيله دماء أبنائها
ج: لأن مصر تعتبر نفسها الآن خالصة من آخر رباط كان يربطها بتركيا وهو رباط السيادة الاسمية
د: لأن مصر ترى أن الوقت قد حان لأن تعلن استقلالها التام الذي يؤيده مركزها الجغرافي