للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حالة حرجة - إذ كانت الحرب قد قامت بينها وبين ألمانيا - أعلنت بريطانيا أن الحماية ضرورة حربية تنتهي بانتهاء الحرب. فلما انتهت الحرب وانتصرت طلب المصريون إنهاء الحماية وإعلان استقلال مصر، ولكن بريطانيا رفضت فثارت مصر تطلب استقلالها وحريتها ولم ترهب قوة إنجلترا التي خرجت ظافرة من الحروب العالمية الأولى، وانطلقت بريطانيا تعتدي على المصرين فأسالت دماء الأبرياء ونفت الزعماء، ولكن لم تضعف مصر بل صمدت وانتصرت في النهاية وستحقق جميع أمانيها إن شاء الله.

كانت الحماية إذن سبب ثورة ١٩١٩ الرئيسي، ويحاول المؤرخون أن يكثروا من أسباب الثورات. صحيح كانت هناك عدة أسباب أخرى أهمها المظالم التي عاناها الشعب من السلطة العسكرية ومن الأحكام العرفية، فمن استيلاء على الأقوات، ومن دفع المصريين قسرا إلى ميادين القتال باسم التطوع وتجنيد أكثر من مليون عامل وموت كثيرين منهم بعيدا عن الوطن، وإصابِة الآخرين بأمراض وعاهات إلى حجر على الحريات ورقابة على الصحف وحل الجمعية التشريعية ونفي الوطنيين الأحرار واعتقال المخلصين والزج بهم في السجون والمعتقلات، الخ

ويضاف إلى هذا الوعي القومي الذي أوضح للمصريين حقيقة نوايا بريطانيا، وذلك يرجع من غير شك إلى جهود الوطني الأول مصطفى كامل باشا وخليفته محمد فريد بك، وكذلك ما ارتكبته إنجلترا من فظائع في وادي النيل كان أشهرها من غير شك حادثة دنشواى ١٩٠٦

وهنا أحب أن أذكر أن إنجلترا حين احتلت مصر قد لجأت إلى الحيلة والخداع: خدعت مصر إذ أعلنت منذ احتلالها مصر ١٨٨٢ عزمها على الجلاء وأنها لن تقيم بمصر، وخدعت العرب جميعا حين ألبتهم على تركيا في أثناء الحرب الكبرى الأولى إذ وعدتهم بتحقيق استقلالهم إذا عاونوها، فثار العرب ضد الأتراك حلفاء الألمان، وكان لمصر وللعرب فضل كبير في كسب إنجلترا للحرب الأولى وكذلك انتصرت في الحرب العالمية الثانية بفضل مؤازرة مصر لها؛ ومع هذا لم تلق مصر والبلاد العربية إلا شر الجزاء من الإنجليز، فهم الذين مكنوا للصهيونيين من احتلال فلسطين وتشريد العرب وهم أصحاب البلاد الأصليين منذ آلاف السنين؛ وها هي ذي بريطانيا تسفك دماء المصريين ظلما

<<  <  ج:
ص:  >  >>