شاب لم يتخط العشرين من عمره، يعيش في بلد غريب، ويتلقى دروس الأدب والفن عن مدرسة (الرسالة). . ومن قال إن المدارس والجامعات تخرج الأدباء وتصنع المثقفين؟!
ما أكثر الأدباء الذين صنعوا أنفسهم بأنفسهم وما أكثر الذين استمدوا الثقافة من جهودهم الذاتية. . ومن هنا كان سروري الذي لا يحد وأنا أقرأ هذه الرسالة فألمح وثبات الطموح تطالع عيني من وراء السطور!
إن الطموح وحده كفيل بتحقيق الهدف وبلوغ الغاية في كل ميدان من ميادين النشاط الإنساني. . كفيل بأن يجعل من الخطوة المتعثرة وثبة بعيدة المدى على مر الزمن ومضي الأيام! ولهذا أحب أن أطمئن الأديب الفاضل على مستقبله الأدبي، مادام الطموح هو الرائد الأول الذي يأخذ بيده ويسدد خطاه ويهديه إلى معالم الطريق. . ولا يزال أمامه متسع من الوقت كما يقول، ليبلغ في ميدان الأدب هدفه المرجو وغايته المنشودة، وليحقق لنفسه ما يتطلع إليه أمثاله من الطامحين!
وإذا كان الأديب الفاضل يسألني شيئا من النصح أو شيئا من التوجيه، فإنني أحب له أن يكثر من القراءة في الأدب العربي قديمه وحديثه، وأن يتزود من الثقافة الغربية ما شاء له التزود والاطلاع. . أما الأدب العربي فجدير بأن يصقل من قلمه أداة التعبير، وأما الأدب الغربي فخليق بأن يلهب في نفسه شعلة التفكير، وكلا السلاحين من ألزم الأمور لكل أديب يريد أن يقتحم المعركة وهو ثابت القدم مطمئن إلى النهاية!
هذا هو ما أنصح به الأديب الفاضل على صفحات (الرسالة) أما بقية النصائح فسأبعث بها إليه في رسالة خاصة، بعد أن يطلعني على نماذج من آثاره القلمية في محيط أدب القصة القصيرة. . عندئذ أستطيع أن أوافيه برأيي حول ما ينقصه من وسائل الأداء الفني، حتى يستطيع مع الجهد والمثابرة أن يبلغ مرحلة النضج والأصالة، ويواجه مشكلة النشر وقد اكتملت بين يديه الأدوات، ولست بذلك أريد أن أثبط من عزيمته أو أحد من طموحه، وإنما أريد له أن يبدأ حياته الأدبية وهو واثق من نفسه مطمئن إلى مصيره، وإن مقاله الذي بعث به إلي ليضع البذرة الأولى في تربة الأمل المرجو إن شاء الله!