للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على عشرة آلاف اكثر من عشرين كنيسة! وليس اكثر منهم ذهابا إلى الكنيسة في ليلات الأحد وأيامه، وفي الأعياد العامة وأعياد القديسين المحليين وهم اكثر من (الأولياء) عند عوام المسلمين!. . . وبعد ذلك كله ليس هناك من هو ابعد من الأمريكي عن الشعور بروحية الدين واحترامه وقداسته، وليس ابعد من الدين عن تفكير الأمريكي وشعوره وسلوكه!

وإذا كانت الكنيسة مكانا للعبادة في العالم المسيحي كله، فإنها في أمريكا مكان لكل شيء إلا العبادة. وإنه ليصعب عليه أن تفرق بينها وبين أي مكان آخر معد للهو والتسلية أو ما يسمونه بلغتهم ومعظم قصادها إنما يعدونها تقليداً اجتماعياً ضرورياً، ومكانا للقاء والأنس، ولتمضية وقت طيب، وليس هذا شعور الجمهور وحده، ولكنه كذلك شعور سدنة الكنيسة ورعاتها. .

ولمعظم الكنائس ناد يتألف من الجنسين، ويجتهد راعي كل كنيسة أن يلتحق بالكنيسة أكبر عدد ممكن، وبخاصة هناك تنافسا كبيرا بين الكنائس المختلفة المذاهب. ولهذا تتسابق جميعا في الإعلان عن نفسها بالنشرات المكتوبة وبالأنوار الملونة على الأبواب والجدران للفت الأنظار، وبتقديم البرامج اللذيذة المشوقة لجلب الجماهير، بنفس الطريقة التي تتبعها المتاجر ودور العرض والتمثيل، وليس هناك من بأس في استخدام أجمل فتيات المدينة وأرشقهن، وأبرعهن في الغناء والرقص والترويج

وهذه مثلاً محتويات إعلان عن حفلة كنيسة كانت ملصقة في قاعة اجتماع الطلبة في إحدى الكليات:

(يوم الأحد أول أكتوبر - في الساعة السادسة مساء - عشاء خفيف. العاب سحرية. الغاز. تسلية. . .)

وليس في هذا أية غرابة، لأن راعي الكنيسة لا يحس أن عمله يختلف في شيء عن عمل مدير المسرح، أو مدير المتجر. النجاح أولا وقبل كل شيء - والوسيلة ليست بالمهمة - وهذا النجاح يعود عليه بنتائجه الطيبة: المال والجاه. فكلما كثر عدد الملتحقين بكنيسته وعظم دخله، وزاد كذلك احترامه ونفوذه في بلده، لأن الأمريكي بطبيعته يؤخذ بالفخامة في الحجم أو العدد، وهي مقياسه الأول في الشعور والتقدير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>