للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جذابة، وإن معظم الشبان إنما يحضرون وراءها!)

ويحدثني شاب من شياطين الشبان العرب الذين يدرسون في أمريكا، وكنا نطلق عليه اسم (أبو العتاهية) - وما أدري أن كان ذلك يغضب الشاعر القديم أو يرضيه! - فيقول لي عن فتاته - ولكل فتى فتاة في أمريكا - إنها كانت تنتزع نفسها من بين أحضانه أحياناً لأنها ذاهبة للترتيل في الكنيسة؛ وكانت إذا تأخرت لم تنج من إشارات (الأب) وتلميحاته إلى جريرة (أبي العتاهية) في تأخيرها عن حضور الصلاة! هذا إذا حضرت وحدها من دونه، فأما إذا استطاعت أن تجره وراءها، فلا لوم عليها ولا تثريب!

ويقول لك هؤلاء الآباء: إننا لا نستطيع أن نجتذب هذا الشباب إلا بهذه الوسائل!

ولكن أحد منهم لا يسأل نفسه: وما قيمة اجتذابهم إلى الكنيسة وهم يخوضون إليها مثل هذا الطريق، ويقضون ساعاتهم فيه؟ أهو الذهاب إلى الكنيسة هدف في ذاته، أم آثاره التهذيبية في الشعور والسلوك؟ من وجهة نظر (الآباء) التي أوضحتها فيما سلف، مجرد الذهاب هو الهدف. وهو وضع لمن يعيش في أمريكا مفهوم!

ولكني أعود إلى مصر، فأجد من يتحدث أو يكتب، عن الكنيسة في أمريكا - وهو لم ير أمريكا لحظة - وعند دورها في الإصلاح الاجتماعي، ونشاطها في تطهير القلب، وتهذيب الروح. . .

ولله في خلقه شؤون!

والأمريكي بدائي في حياته الجنسية، وفي علاقات الزواج في الأسرة. ولقد مررت في أثناء دراساتي للكتاب المقدس بتلك الآية الواردة في (العهد القديم) حكاية عن خلق الله للبشر أول مرة وهي تقول: (ذكراً أو أنثى خلقهم). . . مررت بهذه الآية كثيراً، فلم يتمثل لي معناها عارياً واضحا جاهراً، كما تمثل في أثناء حياتي بأمريكا

أن كل ما تعبت الحياة البشرية الطويلة في خلقه وصيانته من آداب الجنس، وكل ما صاغته حول هذه العلاقات من عواطف مشاعر، وكل ما جاهدت من غلاظة الحس، وحهامة الغريزة، لتطلقه إشاعات مرفوفة، وهالات مجنحة، وأشواق طليقة، وكل الروابط الوثيقة حول تلك العلاقات في شعور الفرد، وفي حياة الأسرة، وفي محيط الجماعة. . .

إن هذا كله قد تجردت منه الحياة في أمريكا مرة واحدة، وتجلت ريه عاطلة من كل تجمل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>