والتورية، والإيماء والكناية؛ لفاق تأثيره تأثير (فولتير) في هزه للنفس البشرية، من داخل لا من خارج، وفي إشعاره لها بالكبت والضغط. . وإذن لأحتل سيد قطب في حيلته وفي عصره مكانة لا تقل عن مكانة (فولتير) في التاريخ. . ولدى المؤمنين بالحرية والإخاء والمساواة بعد مماته. ولكنني أعتقد أن سيد قطب ينأى بنفسه عن ذلك الجانب، ليوائم بين كتابه وحقيقة ما يكتبه عن الفكرة الإسلامية، التي لا تعرف الألغاز والمعميات، والتي لا تهرب من الضوء. وأعتقد أيضا أن الجامع مع ذلك بينه وبين (فولتير) هو أن كليهما في عصر ويلد مليء بالقلق، مليء بالتطلع، وأن كليهما خلص لفكرته، مؤمن بها في ميدنه، وأن كليهما متأثراً بعصره، شديد التأثر بزمانه وما بعد زمانه. . ورغم ما بينهما من تفاوت في المنهج والمنحى والطريقة، ورغم ما بين فكرتيهما من تباين في الأسس والأصول
وقد لا يقصر بي التعبير عن الواقع حين أقول: أن طبيعة الأستاذ سيد قطب ككاتب، طبعة مرنة لينة، تستجيب وتعي. . وتتأثر وتؤثر. في إسلوبه بساطة محببة أليفة، وسلاسة طبيعية غير كتكلفة، وفي إدائه دقة الكليات والجزئيات. . وفي تصويره براعة التناسق والتوازن، والتعادل والأنسجام. وإنك لا تكاد تقرأ الصفحة من كتابه، أو النهر من مقاله، حتى زتقسم بكل مقسم، أنك قد لمست من خلال السطور، رفرفة الروح، وحرارة العقيدة، وتظارة الفكرة، وأن سيد قطب يكتب حين يكتب، بكل جوارحه ومشاعره وأحاسيسه؛ وأنه يفنى فيما يكتب ويخلص لما يسطر، وأنه يتكلم من خلال السطور، في قسوة وفي رحمة. . بيديه ورجليه، وعقله وعاطفته
وهذه واحدة أخرى نذكرها في إجمال عن طبيعة مؤلفاته الإسلامية، وطريقة عرضها: بعد أن قدمنا طبيعته ككاتب، في إسلوبه، وفي تصويره، وفي إدائه:
قرأت للأستاذ سيد قطب في ميدان الفكرة الإسلامية، خمسة كتب: التصور الفني في القرآن. والعدالة الإجتماعية في الإسلام، ومشاهد القيامة في القرآن، ومعركة الإسلام والرأسمالية، وأخيرا هذا الكتاب الذي بين يدي (السلام العالمي والأسلام) وقد عرفت عن هذه المؤلفات عدة أشياء؛ تتركز في دقة التقسيم، وجودة العرض، والقدرة على الإستنباط والإستنتاج وعمق البحث وجدته؛ وتتمثل في بساطة وسهولة وسلاسة توائم سائر القراء من جميع الطبقات، رغم ما بها من تجنيح وتحليق، في تقسيماته واستنباطاته وإستنتاجاته؛ على