مقدور مشاعره الأخرى أن تطغى عليه. . شعور بالخجل من نفسه ومن أفكاره التي صحبته بعض الطريق عن الإنجليز
وأخيراً تختلط تلك المشاعر كلها وتندمج وتستحيل إلى شعور آخر. شعور بالحقد المدمر والغيظ الخانق والكراهية الطاغية لتلك الوحوش القذرة واللصوص الحقراء الذين يسمونهم الإنجليز!
هذا الحقد الذي برق في عينيه الصغيرتين حاداً كأنه الشرر. . وتلك الكراهية التي أحالت ملامح وجهه الطفلة إلى غضون وشجون! وتمنى من أعماقه لو يكبر فجأة. . يصير رجلاً كهؤلاء الناس قوي الساعد مفتول العضل. . إذن لذهب من فوره وذبح الإنجليز واحداً واحداً كما تذبح الأرانب. .!
ومن جديد يضعف الجسد الصغير أمام المشاعر الثائرة التي عصفت به فيعتريه ذهول رهيب، ويلفه الصمت في غلائل الوجوم!!
وفي صباح اليوم التالي وفي فناء المدرسة يتجمهر الطلبة لدى النصب التذكاري ليقرروا الخطوات العملية التي يجب أن يخطوها تجاه المجد المنشود! وفجأة يغرق اللغط والضجيج في موجة الصمت التي إكتسحت فناء المدرسة حين فوجئ الطلبة بتلميذ صغير يقف حيث تعود خطباؤهم أن يقفوا. . وأرهفت الطلبة آذانهم حين إرتفع صوت صلاح. وقد إنبعث من عينيه ذلك البريق الحاد الذي يشبه الشرر، وشاعت في وجهه تلك الكراهية الطاغية التي تحيل ملامحه الطفلة إلى غضون وشجون. . حين إرتفع صوته بهذه الكلمات. . - إخواني. .: إن الإنجليز الوحوش قتلوا أبي. . قتلوه بالرصاص. . وأنا أريد اليوم أن تأتوا معي لنقتلهم كلهم. . . كلهم. . . وشرقت نبراته بالدموع ولم يعد في مقدوره أن يقول شيئاً. . وسالت دموعه لا على وجهه فحسب بل على مئات الوجوه التي كات تتطلع إليه في لهفة وجنون!!
وفجأة تجمدت تلك الدموع في العيون ولم تعد تنهمر. . وإنما إستحالت إلى حقد مدمرعنيف. . وتحد قوي صارخ. .!
ألم تذهب يوماً إلى حديقة الحيوان وترى (نمراً) ألح عليه أحد الزوار بما يستثير الغضب. .؟ لقد إستحال مئات الطلبة إلى نمور متوثبة تشع عيونهم بما يشبه الشرر. وتغي صدورهم