للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وثقافة الفرنسيين؟ لم لانفعل والمعنى البعيد كامن وراء هذه الكلمات؟ المعنى البعيد الذي يتمثل في كرامتنا حين نكون (أحرارا) في اختيار لغة أخرى غير لغة الخصوم؛ وتفضيل ثقافة أخرى على ثقافة الأعداء!

هذا هو المعنى البعيد الذي نهدف أليه. . لقد عزمنا عل أن نكون أحرارا، أحرارا في كل شيء، أحرارا حين نأخذ وحين ندع، حين نقبل وحين نعرض، حين نسالم وحين نخاصم، حين نرفض وحين نختار. وما دمنا قد انتهينا إلى هذا الطريق وارتضينا أن نسير فيه، فلا معنى للتريث ولا مغزى للتردد ولا مبرر لإطالة التفكير، لأنها ستكون حرية مشوهه تلك التي تقضي على لونين من ألوان الاستعمار ثم تبقي على لونه الأخير، ونعني به ذلك الاستعمار الثقافي الجاثم على الصدور والعقول! إننا حين نجهر بهذه الكلمات لا نشك لحظة في وطنية معالي وزير المعارف، وإنما نهيب بوطنيته أن تعجل بالضربة القاصمة وأن تبادر بالخطوة الحاسمة، حتى يتحقق ذلك المعنى البعيد الذي رمينا إليه، والذي لا يغيب عن فطنة الخصوم. . وحول محور هذا المعنى نريد أن نقول: إن تلك اللغة التي فرضت بالأمس بقوة السلاح يجب أن ترفض اليوم بقوة الإرادة؛ وإذا خطر لنا أن نعيدها مرة أخرى في الغد البعيد فلا بأس علينا من ذلك ولا بأس على الكرامة المصرية، ولمن بعد أن يتطهر الوادي شماله وجنوبه من دنس المستعمر أو رجس الشيطان. . عندئذ (نتفضل) أحرارا يمنح هذه اللغة وتلك الثقافة جواز المرور، ويومئذ تزول عن كلتيها نزعة الغرور شأن كل قائد مدحور؛ كل قائد يأخذ مكانه المحدد في مؤخرة الصفوف!!

أنور المعداوى

<<  <  ج:
ص:  >  >>