للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الغوابر. كذلك ليس في التحرر غاية التحرر ما يعيب المتحررين. إنهم ضيقون بزمانهم، آسون لحال أممهم، ثائرون على ما يرون من بؤس وجهالة، فهم يريدون أن يقفزوا في الزمان قفزا ليعوضوا على أممهم ما فات

ففي أي هؤلاء الكتاب - وهم مختلفون - يتمثل الفكر العربي.!

وليس في الشرق فكر منظم. . ليس في الشرق جماعات من الناس لها أفكار ولها أهداف إلا في السياسة. وحتى جماعات السياسة لا تجمعها أهداف بينة، إن هي إلا غايات مبهمة كثيرا ما يوحي إلى شيطان بأن أوضح غاية فيها إبهاما. إن الشيء المبهم يجري وراءه الأشتات من الناس، وفي الإيضاح التفرقة. إنهم يطلبون بالإبهام الكثيرة، وتلك عندهم غاية الغايات

ولقد يتحدث الناس عن الفكر العربي الذي لم يتوحد بعد، فيقولون ويطنبون. ويأتون لك آخر الأمر بالشيء الجميل أو غير الجميل، فإذا بهذا الشيء من خلقهم، وإذا به، لا الفكر العربي، ولكن ما يجب أن يكون عليه الفكر العربي عندهم، وما يجب أن تكون في حسبانهم خطة الحياة

إن الفكر فكرهم، وهو عربي شرقي بمقدار ما هم عرب شرقيون. وفي غيبة الفكر العربي الموحد، وعلي تفرقه وتشتته لابد من قبول هذا الفكر، ولوا فكرا واحدا، وهو على الأقل فكر آحاد؛ وهو على الأقل بمثل منحى من المناحي الفكرية الكبيرة

فإنا إذا تحدثت إليكم اليوم عن الفكر العربي، فلا أدعي للذي أقول من التمثيل أكثر من أنه يشاركني في الذي أقول طائفة في الشرق العربي غير قليلة

وبعد فما يجوز أن ننسى أن الفكر انفعال؛ وأن فكر الفرد من صنع البيئة، وصنع النشأة، وصنع الزمان

الحضارة الغربية:

ثم ما الحضارة الغربية التي أبحث عن موقف الفكر العربي منها؟

لقد كان للإنسان حضارات بكل أرض وبكل زمان: حضارة مصرية، وحضارة آشورية وبابلية وفينيقية، حضارة إغريقية ورومانية، حضارة هندية وصينية، وحضارة عربية أثبتت وجودها وفرضت فروضها وشاركت في الحياة على هذه الأرض ألف عام. ولكل

<<  <  ج:
ص:  >  >>