نهض المصريون جميعا على بكرة أبيهم دفعة واحدة وفي يوم واحد لإعلان سخطهم وغضبهم على هذا العدوان الغاشم، وكانت للمصريين في احتقار الموت الذي كان يتحداهم في ثورتهم من أفواه مدافع العدو وبنادقه روعة وجلال
وأما رجال الوفد فقد بادروا في نفس اليوم إلى إرسال برقية احتجاج على اعتقال الزعماء إلى المستر لويد جورج رئيس الوزارة البريطانية، وأعلنوا أنهم سيستمرون على الدفاع بكل الطرق المشروعة عن قضية البلاد العادلة
وكذلك أرسلوا برقيات احتجاج إلى معتمدي الدول الأجنبية
وفي ٩ مارس وجه على شعراوي باشا بصفته وكيل الوفد كتابا إلى عظمة السلطان يشكو فيه من تصرف السلطة العسكرية مع رجال الوفد جاء فيه:
(. . استدعتنا السلطة العسكرية في ٦ مارس. . وأنذرتنا بالعقاب العسكري الشديد إن أتينا عملا يرمي إلى تعطيل سير الوزارة ثم منعتنا من مناقشتها في هذا البلاغ. لم تصب السلطة في رأيها فإن هذه الحماية باطلة ولكل إنسان الحق المطلق في أن يضعها تحت البحث والمناقشة القانونية. .
لم يقف الأمر عند هذا الإنذار بل قبضت السلطة أمس على رئيسنا سعد زغلول باشا وزملائنا محمد محمود باشا وحمد الباسل باشا وإسماعيل صدقي باشا وزجوهم في قصر النيل ثم سيق بهم إلى بور سعيد فإلى حيث لا نعلم. وذنبنا في ذلك أننا نطلب حريتنا السياسية طبقا للمبادئ الشريفة التي اتخذت قاعدة للسياسة المالية الجديدة. . . وبينا أننا لم نتعد حدود القانون، فلم نهج في البلاد طائرا ولم نحرك ساكنا بل قبلنا توكيل الشعب إيانا أن نصدع بأمره ونسعى لتحقيق مشيئته. . .
على هذه الاعتبارات يصعب علينا يا مولاي أن نفهم مبررا لهذه الخطة القاسية التي جرت عليها السياسة الإنجليزية. .
إليكم يا صاحب العظمة وأنتم تتبوءون أكبر مقام في مصر وعليكم أكبر مسئولية فيها. نرفع باسم الأمة أمر هذا التصرف القاسي؛ فإن شعبكم الآن يحق له أن يعتبر هذه الطريقة باردة تخيفه على مستقبله كما يحق له أن يكرر الضراعة لديكم العلية أن تقفوا في صفه مدافعين عن قضيته العادلة)