الاكتراث، ولم يعبئوا به بل زادوا تمسكا بمطالب الأمة، لقد كان القائد العام البريطاني مسنودا بالحراب والمدافع البرطانية، وأما سعد ورفاقه فقد كانت تحرسه قلوب شعب مصر الأعزل، ولكنه شعب مؤمن بحقه وعدالة قضيته
لم يعبأ سعد بالإنذار البريطاني ومضى في طريقه قدما، ففي نفس اليوم أبرق إلى رئيس الحكومة البريطانية يقول: (تعلمون ضرورة أن وزارة رشدي باشا لما علقت سحب استقالتها على سفر الوفد قبلت استقالتها نهائيا. وليس لذلك معنى إلا الحيلولة بيننا وبين عرض قضيتنا على مؤتمر السلام. وقد نتج فعلا من هذه السياسة أن أعظم رجال مصر. . . قد بدءوا يرفضون بتاتا تأليف وزارة تعارض مشيئة الأمة التي هي مجمعة على طلب الاستقلال. . .
إن السلطة العسكرية أنذرتنا اليوم نضع الحماية موضع البحث وتعرقل تأليف الوزارة الجديدة وتوعدتنا بأشد العقاب العسكري، على أنها لا تجهل أننا نطلب الاستقلال التام ونرى الحماية غير مشروعة كما تعلم بالضرورة أننا قد أخذنا لي عاتقنا واجبا وطنيا لا نتأخر عن أدائه بالطرق المشروعة مهما كلفنا ذلك. وحسبنا أن نذكر لكم هذا التصرف الجائر الذي يجر سخط العالم المتمدن حتى تفكروا في حل هذه الأزمة بسفر الوفد فيرتاح بال الشعب
القبض على زعماء الوفد:
اتخذت السلطة من رفع الوفد هذه الشكوى إلى رئيس الحكومة البريطانية مبررا لتنفيذ ما هددت به، ففي يوم ٨ مارس قبضت على رئيس الوفد سعد زغلول وعلى ثلاثة من كبار صحبه وهم محمد محمود وحمد الباسل وإسماعيل صدقي واعتقلتهم في ثكنة قصر النيل ثم نقلوا تحت الحراسة إلى بور سعيد ومنها أبحروا إلى مالطة حيث وضعوا قيد الاعتقال
اعتقد رجال الشرطة العسكرية أنهم بهذا العمل قد قضوا على الحركة الوطنية في مصر وأنهم قد استراحوا وأمنوا واطمأنوا، ولكن خاب ظنهم فإن هذا النبأ قد سرى في مصر كما تسري النار في الهشيم وكان بمثابة شرارة ألقيت على مستودع من البارود مما أدى إلى حدوث انفجار عظيم