وكم أسفت حين تطلعت فرأيت الفن لا يسهم في هذه المعركة بين الشرق الإسلامي والغرب، أو بين المسلمين والمستعمرين، وللأدب نفوذه وسلطانه، وللفن عرشه وصولجانه، وللأدباء في الأمة المكانة السامية، والمنزلة العالية، هم النجوم التي ترشد السارين إذا كفهر الجو وأظلم الأفق، وهم المصابيح اللامعة التي تهدي الضالين إذا تشعبت السبل، وتعددت المسالك
إني لا أريد أن أتهم الأدباء بأنهم تنكروا لأمتهم، وتجافوا عن مجتمعهم، حين عاشوا منطوين على أنفسهم، في أبراجهم العاجية، لا يحسون بإحساس أمتهم، ولا يشاركون مجتمعهم آلامه وآماله، فكان إنتاجهم في الكثير الغالب مرآة انعكست عليها حياتهم الخاصة، مما دعا الأمة والمجتمع إلى الانصراف عن هذا الأدب الذي لم تجد شخصيتها، ولم يحس فيها المجتمع بوجوده
وكان الأدباء مسئولين عن هذه الجناية، لأنهم الذين أتاحوا للقراء الانصراف عن إنتاجهم إلى الأدب الرخيص الماجن الذي يغذي الجانب الهابط في النفس
وإلا فما بالنا لا نقرأ - والمحن تتوالى على العروبة، والضربات تتابع على أقطار الإسلام - إلا أدب الضعف والانحدار!! أدب التدهور والانحلال!! كأننا لسنا في صراع مع الاستعمار!!
ألم تكن مأساة فلسطين الدامية، وتشريد مليون من أبنائها من إخواننا وأبناء عمومتنا وهيامهم على وجوههم في المهامه والقفار، يفتك بهم البرد والجوع. . كافية في أن تهز منا القلوب، وتشعل الأفئدة، وتضرم الجوانح؟
لقد نظرت إلى الأدب قبل المأساة وبعدها فلم أجد تغيرا واضحا إلا عند قلة من الأدباء يعدون على أصابع اليد الواحدة
إن المعركة القائمة اليوم بين حق مصر وباطل بريطانيا ليست معركة مصر وحدها، وبريطانيا وحدها، ولكنها معركة الشرق العربي بأسره ضد الدول المستعمرة التي تظاهر بريطانيا في باطلها.
وتناصرها في عدوانها على الشعوب الضعيفة
إنها المعركة التي تغذي القرائح عند أدباء العرب والإسلام، فتدفعهم دفعا إلى المساهمة فيها