قد يقال إن هذا أدب مناسب في كارثة لا يلبث أن يزول. أنه كغمامة صيف عما قليل تكشف. والإجابة عن ذلك أن هذا ليس أدب مناسبات، ولكنه أدب خالد فأدب القوة والكفاح أدب خالد. . لأن الأمة الضعيفة لا وجود لها في عالم تسوده الذئاب والأسود
إن كثيرا من الشعراء الأوربيين قد خلدوا بأسفارهم الوطنية التي أيقنت في نفوس أممهم روح التضحية، وأوقدت في قلوبهم النخوة والحمية، فهذا أرنت في ألمانيا في القرن التاسع عشر يقول لقومه بعد موقعة (يه نا)
(أعطوني وطنا حرا وأنا أرضي عندئذ أن أفقد كل شهرتي فيصبح اسمي منسيا لا يذكر في غير داري ودار جاري
أعطوني بقعة من أرض جرمانية يستطيع فيها العندليب أن يغرد دون أن يرمي بسهم فرنسي
أعطوني كوخا حقيرا يستطيع أن يصبح ديكي فوق حاجزه دون أن يقع فريسة يد فرنسي، وأنا أصيح عندئذ مثل الديك، وأغرد مثل العندليب بكل فرح وسرور، ولو أفقد كل ما ملكته يداي فلم يبق لي شيء يستر جسمي غير قميص بال)
نريد أدبا بعد وثبة مصر الجبارة يختلف عنه قبلها، نريد من أدباء وادي النيل وهم كثر والحمد لله ومن أدباء البلاد العربية أن يشنفوا آذاننا بالأغاني والأهازيج الحماسية الوطنية التي تبعث الثقة في النفوس وتملؤها قوة وبطولة
نريد من الشعراء المشهورين أن يطربونا بشعر القوة والعزة، ومن كتابنا وناثرينا أن يدبجوا لنا المقالات الطويلة عن الإيمان القومي، والوطنية الصادقة، والاستشهاد في سبيل الوطن. . . وبوجه عام نريد من الأدباء والشعراء والمؤلفين وكتاب القصة والمسرحية أن يتخذوا من أقلامهم سيوفا تسل في وجه الظلم، وحرابا تصوب إلى صدور الأعداء
ونريد منهم أن يثيروا أحقادنا الدفينة لدي الدول الاستعمارية، وأن يذكوا جذوة الوطنية في نفوس هذا الجيل والأجيال القادمة، ويشعلوها حربا مستعرة الأوار على الاستعمار الظالم في كل مكان
ولست أريد أن أمنعهم من الأدب الذاتي. . أدب العاطفة والوجدان، ولكني أرى أنه لابد لهم مع أدبهم في الدمعة والابتسامة، والهجر والوصل، والفراق واللقاء. . من الأدب الذي يمجد