بها الشوارع في كل مكان، والتي يذهب ضحية إهمال سائقيها المخمورين كثير من المصريين الأبرياء. . وماذا يضيره ما دام يخرج دائما هو وأمثاله المجرمون بسلام، ولا تنال منهم سطوة القانون المصري شيئا، لأن الإنجليزي لا يزال في هذه البلاد عنوان السيادة الذي يخضع له الجميع. . وقاتل الله الإنجليز فإنهم لا يزالون يعيشون في أواخر القرن العشرين بعقلية القرون الوسطى، ولا يزالون يؤمنون إيمانا عميقا بسياسة الدس والتفرقة بين مختلف الطوائف وقادة الشعوب، وزعماء البلاد، ولا يكاد يستجيب لهم، ويحقق أمانيهم غير المصريين من الذين لا يعيشون لبلادهم، وإنما يعيشون لتحقيق أغراضهم، ومصالحهم الذاتية. . ولكن الإنجليز في هذه المرة لن يصلوا إلى ما يصبون إليه، وسيفوت عليهم الوعي الجديد للشعب المصري أغراضهم السافلة، ويحطم آمالهم الاستعمارية الوضيعة، ويكشف حيلهم الدنيئة، ويسجل عليهم الفشل الذريع، والحظ المنكود. .!!
أجل فالوعي القومي بين طبقات الشعب قد ارتفع مستواه، ونأمل أن يؤتي ثماره اليانعة في القريب العاجل إن شاء الله. وإنه لمن الظلم أن تظل هذه الجنود تتمتع بالأحياء الجميلة النظيفة في المدينة وتستنفد خير الأطعمة. وتستولي على جميع ما تصل إليه من طيبات الرزق، بينما يحرم من هذا كله أهل المدينة والقاطنون فيها، فتتلظى نفوسهم غيظا، وتتميز كمدا وحقدا على هؤلاء الدخلاء الذين ينتزعون خير أقوالهم، وأطيب أرزاقهم، وغزوهم في مساكنهم، حيث استأثر الإنجليز بأحياء خاصة، ثم طغي منذ شهور سيلهم الجارف، وتدفقوا في منطقة القناة زرافات زرافات، حتى ضاقت بهم مناطقهم العسكرية في منطقة القناة، كما ضاقت بهم مدينتهم الكبيرة الجميلة المنسقة، التي بنتها لهم القيادة العامة على أحداث طراز إنجليزي، حتى لتتشابه البيوت إلى حد كبير، والتي تقع في الجنوب الغربي من الإسماعيلية. . أجل ضاقت بهم هذه الأماكن كلها فنزحوا إلى الأحياء الوطنية، وزحفوا عليها زحف العقارب الشائلة، والوحوش الضارية، وسكنوا في عمائرها الجديدة النظيفة، كما نزح إلى هذه الأحياء كثير من الأجانب من اليونانيين والأرمن، وغبر هؤلاء بقصد الربح والكسب، تاركين مساكنهم في الحي الأجنبي للإنجليز نظير مبالغ كبيرة من المال، إما بصفة (خلو رجل) أو عن طريق الإيجار من الباطن، فيترك الواحد منهم مسكنه