للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوداع المر أسقاه بها ... وأنا أقتات منها الحزنا

كم عزيز في ثناياها مضى ... كان دمعي غسله والكفنا!

الصحاري الصفر حولي قصة ... أنا أدري منّهاها المحزنا

مد راويها مداها، ولقد ... أرهق النفس وأوهي الأذنا

ملها السمار حتى انتبهوا ... ونداء الفجر فيهم أعلنا. . .

ما مسيري في طريق عبرت ... تربة قبلي دهور ودنى!

فنيت من قبل أن تدركه ... وخبا في ليلها كل سنا

أنظر الأشباح فيه ذرة ... من هباء في فضاء شحنا

لست أجني من ثراه ثمرا ... غير كد وشجون وضنى!

رحلتي طالت، وطالت غربتي ... فمتي يا روح ألقي الوطنا؟!

كان لي ظل إذا اشتد اللظى ... آوت الروح إليه فحفا. . .

كان لي ظل إذا إمتد الدجى ... وجد القلب لديه المأمنا

كان لي ظل إذا عاصفة ... زمجرت أسمعني لحن المنى

كان لي ظل إذا اليأس طغى ... ردني بعد ضلالي مؤمنا

ذهب الظل فلا مأوي هنا ... لغريب ليس يدري السكنا

الهجير المستبد استعرت ... ناره تشوي وهبت ألسنا

وأنا تلفحني النار ولا ... أجد الظل الذي كان هنا

حائر الطرف، أداري حيرتي ... بالسكون الجهم حتى تسكنا

وأري موكب ليلي زاحفا ... أسود الجبهة يطوي الحزنا

قاسيا يقصف في خطوته ... كل عود كان مأمول الجنى

موحشا تزحف في ظلمته ... أرجل الوهم غلاضا خشنا

عابسا أوشك من سحنته ... أن أراه ناقماً مضطغنا

غارت الأنجم إلا خادعا ... حير العقل وأعشى الأعينا!

عبد الناس حياة ضلة ... وأنا أجحد هذا الوثنا

حيرت طالت على أصحابها ... كل من فيها ينادى: من أنا؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>