دخولها كان أساسيا. . لأنها طرف ثالث في النزاع، وأنها لا يعنيها هدف زوجها القومي. . وأن ذلك يجلو جانبا من شخصيتي جحا وامرأته وهو عدم استحيائها من كشف دخائل بيتها. . وإن دخول أم الغصن قد تم في خلاله تحول غانم من التشدد إلى التسامح عندما رشاه الحاكم. . وسنحاول الرد على هذه الأسباب الأربعة.
أما السببان الأولان فلا ضرورة لهما لأن المؤلف أغنى المشاهد عن التساؤل عن موقف أم الغصن بعد خروجها من الدار. . وأبرزها في الصورة التي أرادها لها في نهاية المنظر الثالث عندما أرادت طرد حماد من الدار فأجابها بأنه لن يخرج من داره. . وكذلك في أول المنظر السادس عندما جعلها تلعن حمادا لأنه كان السبب في إخراجها من الدار. . أما من حيث جلاء ذلك الجانب من شخصيتي جحا وأم الغصن فكان في مقدور المؤلف إبراز ذلك في غير مشهد القضية. . ومن حيث تحول غانم بعد ما رشاه الحاكم فكان من السهل إبراز ذلك في صورة أوضح ودون الحاجة إلى دخول أم الغصن. . وذلك بأن ينتحي الحاكم بغانم في أحد جوانب المسرح ويسر إليه ببضع كلمات. . وإذن، فلم تكن هناك ضرورة لدخول أم الغصن في مشهد القضية. وليس من شك في أن دخولها لم يحبس الأثر النفسي مؤقتا عن صعوده - كما يقول المؤلف - بل أنه قضى عليه لتحول انتباه المشاهد ونفوره من هذه المرأة الثقيلة الظل
. . أما قول المؤلف بأن العرض على المسرحية قد جاء مصدقا لوجهة نظره؛ فجوابنا عليه، أننا إنما استقينا وجهة نظرنا هذه من العرض على المسرح، فسحلنا الأثر الذي انطبع في النفس؛ وأعتقد أن نظرة الناقد أكثر تجردا من نظرة المؤلف، لأنه إنما ينظر إلى عمله الفني كقطعة منه، عزيزة عليه!
. . . وفيما يخص بالمأخذ الثالث الخاص بمشهد السجن، وما أخذناه عليه من طول، وتحول في الحوار من الرمزية إلى المباشرة الخ. . فقد قال المؤلف أنه لم يعد للرمزية مكان فيه بعد ما صار الصراع بين جحا والحاكم صريحا، وإنه احتفظ بقدر كبير من رمزية التعبير. . ونحب أولا أن نلفت النظر إلى أننا نقصد الرمزية بين واقع المسرحية، والواقع الحاضر. . والذي نلاحظه أن المؤلف جعل الواقع المسرحي مطابقا للواقع الذي نعيش فيه، وبهذا مزج المشاهد من واقع المسرحية إلى واقعه الحي ولم يعد مندمجا في