(إن الحالة الراهنة في مصر والقلق الذي يسود المصريين وارتقاب العرب في أقطارهم ما يجري في البلد الشقيق ومشاركتهم شعور إخوانهم سيؤدي إلى مشاكل في الشرق الأوسط ليست في مصلحة شعوبه ولا تحفظ الأمن والسلام الدولي في هذا الركن من العالم؛ فلابد من النظر في المطالب المصرية وحسم قضيتها بما يضمن حقوق مصر وسيادتها الكاملة، إذ سيتعذر في الجو الذي يسود البلاد العربية الآن البحث في المقترحات الخاصة بميثاق الدفاع عن الشرق الأوسط؛ فلابد من حل الأزمة المصرية البريطانية قبل ذلك. على أن البت في المقترحات يحتم التشاور مع البلاد العربية!!
وكذلك وقفت الهند والباكستان تؤيدان مصر فأعلنتا بلسان صحافتهما (أن استمرار وجود البريطانيين في منطقة قناة السويس وفي السودان هو في نظر المصريين اعتداء وأي اعتداء) وأن (بريطانيا باستخدامها قواها المسلحة قد ارتكبت خطأ فاحشاً قد يكلفها فقدان البقية الباقية من نفوذها المضعضع في الشرق)
١٣ نوفمبر ١٩٥١:
احتفلت مصر بعيد الجهاد الوطني من أقصاها إلى أقصاها: ففي الإسكندرية قامت مظاهرة صامتة اشتركت فيها جميع الهيئات والطبقات، وكان عدد المشتركين يزيدون عن ربع مليون نسمة من رجال وسيدات، وكان المتظاهرون يحملون لافتات تعبر عن مشاعرهم الوطنية وعزمهم الوطيد على الجهاد والتضحية في سبيل إخراج المحتلين الغاصبين من أرض وادي النيل.
وفي القاهرة احتفلت الأحزاب جميعا بعيد الجهاد: فأعلن الوفد المصري بلسان زعيمه مصطفى النحاس باشا استمساكه باستقلال وادي النيل وحريته وجلاء الغاصب عن أرض الوطن بجيشه المحتل، ووحدة الوادي تحت تاج الفاروق المفدى، وأن مصر قد أقدمت على إلغاء معاهدة ١٩٣٦ واتفاقيتي ١٨٩٩ وهي تعلم أن في وسع الإنجليز أن يعتدوا وأن يرتكبوا ما ارتكبوه من إثم ومناكر، ولكنا مؤمنون مع هذا بأن للحرية ثمنا يجب أن تدفعه وفدية لابد من تقديمها (ودعا الشعب إلى الكفاح) فالكفاح الكفاح، والجلاء الجلاء، والصبر الصبر، والمقاومة المقاومة، فلا تردد بعد اليوم ولا مسالمة، ولكن إقدام دون إحجام، إلى الأمام إلى الأمام)