وقد سقط في هذا اليوم أول شهيد في الثورة. . سقط نتيجة لطلقات نارية أطلقها الجند الإنجليز على المتظاهرين.
وفي ١١ مارس استمر إضراب الطلبة وأضرب عمال الترام وسائقو السيارات بل والحوذية، فتطلعت المواصلات في سائر أنحاء القاهرة، وأغلق التجار متاجرهم وتجددت المظاهرات وكثرت في جميع أنحاء المدينة.
وأصدر القائد العام للقوات البريطانية قرارا بمنع المظاهرات (وكل شخص يخالف هذا الأمر يحاكم بصفة مستعجلة.)
وتعقب الجند الإنجليز المتظاهرين وأطلقوا عليهم النار، وكان أول اصطدام بين الفريقين فوق جسر شبرا وفي شارع عماد الدين.
على أن هذا العدوان لم يزد المتظاهرين إلا ثباتا وحماسا، وكان أروع ما شوهد في هذه المصادمات أنه إذا سقط حامل العلم في مقدمة الموكب مضرجا بدمائه برصاص الإنجليز تقدم من خلفه طالب وتسلم العلم من يد القتيل مناديا بأعلى صوته:(ليحيى الوطن! لتحيى مصر! نموت وتحيا مصر!) فيردد إخوانه هذا النداء؛ وكان هتافهم يدوي في عنان السماء فتخر له القلوب سجدا وينهمر الدمع تأثرا.
وكان ثبات الطلبة وتضحياتهم في سبيل الوطن مثلا من أروع الأمثلة ودليلا من أقوى الأدلة على حب المصري لوطنه واستعذابه للتضحية في سبيله. كان آخر هتاف للشهداء (نموت وتحيا مصر.) كان الضحايا يسقطون ولكن المظاهرة تستمر في سيرها ولا تلقى بالاً إلى العدو ولا تهتم برصاصه، وهكذا يكون الثبات وتكون التضحية. وقد سقط في هذا اليوم ستة من الشهداء حسب بلاغ السلطة، وكان عدد المصابين واحدا وثلاثين منهم ٢٢ إصابة بنيران البنادق.
وفي هذا اليوم ١١ مارس أضرب المحامون عن مزاولة أعمالهم بناء على قرار أصدره مجلس نقابتهم.
ورغم إنذار السلطة ورغم استخدام القوة الغاشمة ضد المتظاهرين ظلت المظاهرات قائمة: فقامت مظاهرات في يومي ١٤ , ١٣ مارس في أنحاء القاهرة المختلفة: في الحلمية والغورية.