للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الكذب على الإطلاق، لأنها قائدة كل رذيلة من الرذائل، ومدعاة إلى النفور، وعدم الثقة، وشناعة السمعة.

لكني أقول: إن الكاذب (المتعمد) في كذبه الذي يبغي الإضرار بالناس، والاستخفاف بهم، والنيل منهم، وإلغاء عقولهم، يجب أن تلطم أكاذيبه بالتسفيه، والزجر، والتحقير، والتزييف، وقد نعتوا الكذب قديما بأنه لا ذاكرة له، والصدق يتبع الأسلوب المنطقي في صحة نتائجه ومقدماته، والكذوب مضطرب القول يذكر الشيء ونقيضه في وقت واحد، لأن الزمن لا يسع السلب والإيجاب مرة واحدة، فالواقع أن الكذاب (مغفل كبير) لكنه يغفل كثيرا عما يسوق من حقائق ملفقة، وأحاديث موهومة، فيثبت آنا، وينفي ما أثبته آنا، وهو في الحالين مضطرب النفس، معذب الإحساس، يود في قرارته أن يفصح عن الحق، ولكن تمنعه (رغبته) في الكذب من الانحياز إلى الوقائع الصحيحة السليمة.

قال صاحبي: وكيف ننسبه إلى التغفيل؟

قلت: الأمر سهل! كر على قوله بالزيف، وذكر ذاكرته الغافلة عما يسوق من تخالف، وتباين، وتناف، فتسخر من سخريته وتريح نفسك؟

قال: كم أنا مغيظ من الكذاب الأشر!

قلت: هون عليك!. . . ثم قل لي: أليست حياتنا أكذوبة كبيرة؟!

بور سعيد

أحمد عبد اللطيف بدر

<<  <  ج:
ص:  >  >>