الحيسية صخور حرشاء تقف عثرة في سبيل الإبل. وربما كانت أسهل عقبات طويق مسلكاً، لذا فضلت على غيرها باتخاذها طريقاً للحج، وهو الطريق الذي سلكناه لما غادرنا الرياض من حيث ينحدر هذا الطريق إلى الضرمة).
الحركة من البطاح إلى اليمامة:
وبعد أن اجتمعت قوات المسلمين في البطاح واطلع خالد على موقف الحنفيين قرر التقدم تحو مسيلمة. وكان قبل ذلك قد رتب جيشه، فكانت نواته على ما نعلم الأنصار والمهاجرين والقبائل الضاربة بين المدينة ومكة. فقسم الجيش إلى فرق: فرقة من الأنصار، وفرقة من المهاجرين، وألفت كل قبيلة فرقة. وناط بأبي حذيفة وزيد ابن الخطاب قيادة المهاجرين، وبثابت بن قيس وبر بن مالك قيادة الأنصار. أما القبائل فكانت بقيادة رؤسائها.
ويروي أبو بشر الدولابي في كتاب التاريخ أن معركة عقرباء وقعت في شهر ربيع الأول للسنة الثانية عشر للهجرية، وأول هذا الشهر يقابل أوائل شهر أيار ٦٣٣ ميلادية. وتبلغ المسافة بين البطاح وعقرباء زهاء ٣٥٠ كيلومتراً، أي مسيرة عشرة أيام بجيش كبير على أقل تقدير. فيظهر من ذلك أن خالداً ترك البطاح في نهاية شهر نيسان أو في أوائل شهر أيار. فكانت خطة خالد ترمي إلى الزحف تواً إلى اليمامة، على أن يهجم على جيش مسيلمة أينما لقيه. وكان يعلم أن مسيلمة متأهب للمقابلة على حدود بلاده. لذلك قدّم أمامه مقدمة من بني طئ بقيادة عدي بن حاتم، وعين لها فرات بن حيان دليلاً، وسلك طريق الوشم نحو الشقرة. وأرسل إلى الأمام مكنف بن زيد الخيل وأخاه ليتجسسا الأخبار
ولم يشأ أن يترك خط الانسحاب معرضاً للخطر، لذلك أقام سليطاً مع قوة في البطاح ليكون ردءاً له من القبائل. وتزعم الرواية أن أبا بكر أمد خالداً بسليط ليكون ردءاً له لئلا يأتيه أحد من ظهره. أما مسيلمة فلما علم بمسير خالد نحوه تقدم بجيشه من اليمامة نحو الشمال وعسكر في عقرباء بجميع قواته منتظراً ورود جيش المسلمين متأهباً للمقاومة الشديدة. وكانت أخبار انتصار المسلمين على أهل الردة قد سبقت جيش المسلمين فألقت الرعب في قلوب الحنفيين. وتقدم جيش المسلمين على الطريق المذكور وكانت المقدمة تسبقه وتستطلع الأحوال.