وهكذا تبارى نحو مائتي شاعر في معارضته بيتي الصوفي، ويقال إن السلطان لم يعجبه شيء من شعرهم. فرد ببيتين للصفي الحلي، هما:
ولي فرس للخير بالخير ملجم ... ولي فرس للشر بالشر مسرج
فمن رام تقويمي فإن مقوم ... ومن رام تعويجي فأني نعوج
ولي الدين الفقيه: إن هذا السلطان الجركسي، غريب في بابه، فهو - فضلاً عن مميزاته - محب للآداب عربية وتركية وفارسية، على ما قيل. وينظم الشعر بالعربية، ومنذ أمد أمر بترجمة الشاهتامة الفارسية شعراً تركيا.
التاجر: غير أننا نلاحظ أنه، حتى اليوم، لم يخرج في غزاة. بخلاف ما اعتادته البلاد من سلاطينها السالفين.
الشاعر: وهل - إذا خرج السلطان الغوري في غزاة - تقدم إليه ما يحتاج إليه جنده من المعونة؟
التاجر: إن الرعية اليقظة تقدم لسلطانها في جهاده أعداء البلاد ما يحتاج إليه من معونة. وينبغي لها أن تؤدي ما يفرض عليها وقت خروجه إلى الجهاد، وحسبه وحسبها أن الأقدار ألقت إليه زمام الدفاع وعن حياتها، ومع هذا فلو قيض لي أن أكون جندياً في صفوف جيشه، لكان في ذلك بلوغ الآمال وإدراك المنى. . . وأنا الرجل العامي الذي لم يرزق مهارة الأتراك وفتك العربان. . ما أحبها إلى القلب فرصة وما أشهاها، تلك التي تتيح لي أن أذود عن حياض بلادي. . أي صديقي! أقرأ التاريخ وقلب صفحاته، فقد علمت مما تهادي إلى من أخباره أن هذا الشعب المصري الوديع المتغافل، وثار وهب، ووقف وقفات حاسمة مروعة بجانب سلاطينه. . .
الشاعر: لا أدري لماذا يحدثني قلبي بأننا سنساق في يوم قريب إلى قتال، وأنه سيكون بين المقاتلين موقف. .
المستوفي: أخشى ما نخشاه، هو هؤلاء العثمانيون، قوم خلقوا من المكر والدهاء، ورزقوا الحيلة وبعد النظر، وولى أمرهم منذ أمد قريب سلطانهم سليم، ويقال إنه أصغر أخوته، ولكنه عجول إلى الفتك، طموح إلى توسيع ملكه، شديد الحيلة محكم التدبير. وقد بدأت