يضق أحد بالسود ولا بالصفر ولا بالحمر، ويلقى الأبيض الأسود إلى يومنا هذا فلا يكاد على اللسان العربي، أن يلحظ سواده
ففي المساواة بين الناس رغم حقارة الأصل، وعلى اختلاف المولد من الأرض، وعلى اختلاف لون الجلد، ليس في المدينة الحاضرة درس واحد تلقيه على الشرق، بل إن دروس الشرق للغرب في ذلك كثيرة نافعة
المساواة بين الرجل والمرأة
ونوع آخر من المساواة جاءت به المدينة الحاضرة، تلك المساواة بين الذكر والأنثى. وتلك المساواة على المجتمع الغربي طارئة. فحظ المرأة في شرق وغرب كان سواء. والرجل كان دائماً، في شرق وغرب قواماً على المرأة. والمرأة في المجتمع الغربي إلى اليوم، تتعهد عند الزواج على يد القس، بالطاعة لزوجها. ولكن معنى المساواة أخذ يتغلغل إلى كل شيء، فبلغ فيما بلغ علاقة ما بين الرجل والمرأة. وتعلمت المرأة الغربية فوجدت نفسها كفيئه للرجل فرفضت قيام الرجل على المرأة. ومنهن من رفضنه شكلا وانتهين. ومنهن من رفضنه موضوعاً. وخرجت المرأة تعمل كما يعمل الرجل، وتكسب ما يكسب، فأغراها استقلالها في الكسب بطلب استقلالها عند الزواج. والحق أن قومة الرجل على المرأة التي فرضتها الأديان ما كانت ترمي إلى ظلم ولا إجحاف، وما كانت تمنع من تعاون وتفاهم. ولكن البغي في الناس قديم. وقد عصم الحب المرأة من بغي الرجل ما دام، وعصمت الذرية الناتجة منها؛ وعصمت حاجة الأسرة إلى السلام وضيقها بالنزاع الدائم والقلق المتصل. ولكن كان من الرجال بغاة لم يكن للنساء منهم من عاصم. وإني، في هذا العصر الحاضر، وعلى الثقافة المنتشرة في الناس بين رجال ونساء، لا أكاد أتصور رجلاً مثقفاً، تأتيه زوجته، وهي امرأة مثقفة، تقول له بيني وبينك خلاف خطير، لا أرضي لك أن تكون فيه خصماً وحكماً، فأنا أطلب حكم الله فيه على أيدي قضاة الله، في محكمة من محاكم الله، لا أستطيع أن أتصور رجلاً تأتيه امرأة تقول له هذا ويقول: لا. وذلك أكبر ما تطلبه المرأة من مساواة
وتطلب المرأة المساواة السياسية، وتطلب أن يكون لها صوت كصوت أكثر نساء الغرب، فيقال لها إنك لا تفقهين في السياسة. وينسى القائلون أن السياسة سياسة دولة، فهي إلى