محمد إقبال، الذي كان قيام دولة الباكستان لمحة من لمحات خاطره وشاعريته، أوحى بها إلى مسلمي الهند في خفقا من خفاقات الإلهام الذي يخلق الأحداث الجسام وبغير وجه التاريخ، فما لبثت أن تلقفها منه (رابطة مسلمي الهند) على يد البطل الحديدي رجل الكفاح والصبر (محمد علي جنه) الذي نفخ في عزم بني دينه حتى خلقت باكستان في لحظة من لحظات التاريخ الحاسمة المسعدة. .
ولقد عرفت روح الدكتور المترجم روح الشاعر الملهم من قبل أن نتعرف إلى أرضه ودياره ودولة أحلامه التي تحققت بعد وفاته بوقت قليل.
ولست بصدد تقديم الدكتور عزام بك بوصفه مترجماً أديباً عالماً أصيل اليباجة العربية عميق الإدراك مشرق الروح أمين الآراء فذلك مني جرأة لا تحمد، بعد أن عرفته العربية علما من أعلام الفكر والقلم واللسان. . ولست كذلك بصدد عرض ديواني رسالة المشرق واللمعات ونقدهما النقد اللائق بهما. . وإنما أنا الآن بصدد التنويه بظهور هذين الأثرين الفكرين في ثوب من الشعر العربي المبين.
في (رسالة المشرق) تحليق فكر ورفرفة روح؛ فإن إقبالاً من الشعراء الفلاسفة الصوفيين الذين تزدوج في نتاجهم العشق الصوفي بالعلم ازدواجاً ينتج تلك (الحلقة المفقودة) من الآداب الرفيعة التي يتمثل فيها جلال الإنسانية وسمتها ووفوفها في نصابها الأعلى. . وفيه كثير من الومضات التي يمتاز بها الشعر الصوفي، قد تظهر صوراً واضحة أو رموزاً مبهمة أو ضباباً
وفيه توجيهات عقلية ودينية في صور من الأمثال المضروبة على ألسنة الحيوان والنبات والجماد. وفيه تلك الخواطر الوجدانية المشتعلة ذات الجذوة الحمراء والمبتردة ذات الجذوة البيضاء. . .
وحسبي أن أذكر المذهب الذي سلكه إقبال وهو يتضح في تلك المحاورة التي أجراها بين العشق والعلم.