للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكم نغمت في عودي وبوقي ... وأسراري عرضت بكل سوق

العشق:

بسحرك سجرت هذي البحار ... وملء الجو سمك والشرار

وكنت لي الصديق فكنت نورا ... ونورك مذ هجرت حماي نار

ولدت الأمس في حرم الرحيم ... وصرت اليوم في قيد الرجيم

هلم فرد روضا ذا اليبابا ... ورد مشيب دنيانا شبابا

حلم بذرة من نار قلبي ... أقم في الأرض فردوسا عجابا

كلانا الدهر خل لا يجور ... للحن واحد بم وزير. . .

ألست ترى في هذه الأبيات أمل الإنسانية المفقود الذي ما فتئت نفوس المخلصين نتطلع إليه وهو قيام حياة يعرف فيها للعلم مكانه؛ ولمنطق القلب وشفافيته ورحمته وعشقه للمجهول فكأنه؟ وألست ترى مشكلة العلم تتخلص في انه لا يزال يولد في نبضة من نبضات رحمة الله الرحيم بالإنسانية فما يلبث أن يتلقفه الشيطان الرجيم فيدمر به العامر، ويعدب به من يتطلع إلى الرحمات المرسلة؟

ثم ألست نراه يضع العلم والعشق حيث يجب أن يوضعا معاً في خلة صادقة لا تجوز ولا تطغى، كأنهما وتران في قيثارة يجب أن يتوازن التوقيع عليهما حتى ينغما نغماً فيه ذلك (الهرموني) والانسجام الموسيقي الذي يثير في النفس إطرابها وأشواقها؟!

وإقبال بهذا الاتجاه الصحيح المزدوج رائد من رواد الفكر الإسلامي الحديث، أنقذ به مسلمي الهند من آثار السلبية والانطلاق الشعري الصوفي اللذين يغلبان علي قلسلات الهنود، ويشل قوى العقل والعمل ويحرم الإنسان من الانتفاع بالقوى المادية، وأنقذ بذلك عدداً كبيراً من المسلمين الهنود الماديين المحدثين الذين لا يؤمنون بغير العقل المادي على الأسلوب الغربي الحديث الذي لا يؤمن بما وراء المادة فردهم إلى حظيرة الإسلام بعد أن علموا نظرته المزدوجة إلى الوجود.

وهو كغيره من الصوفية لا يعول على العقل وحده وإنما يكبره حينما يصحب العشق ويفنى فيه. والعقل عند الصوفية عاجز جبان لا يدرك الحقائق الكبرى ولكن يتصرف في الجزئيات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>