للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولا قوة العلم، ولا قوة الدسيسة: كان قوة السماء لا تملك لها قوة الأرض دفعا.

والآن لقد انبعثت هذه القوة من جديد. لقد انبعثت في مشارق الأرض ومغاربها. لقد انبثقت ينابيعها في كل مكان. لقد كانت من قبل كامنة وراء كل حركة من حركات التحرير التي ظهرت في العالم الإسلامي. أما اليوم فقد أستعلنت وأعلنت عن نفسها. لقد أعلنت عن نفسها في الباكستان، وإندونيسيا. وإيران. وأعلنت عن نفسها في مراكش، وفي تونس، وفي الجزائر. وإنها لتهيأ وتتوثب في الملايو، وفي عدن، وفي بورما. . وإنها لتتجمع في مصر والعراق وباقي الأمة العربية. وإنها لتتنادى في مشارق الأرض ومغاربها إلى (كتلة ثالثة). . إلى (عالم إسلامي) وإن الغرب المستعمر ليسمع هذا التنادي، ويرى هذا البعث، ويشهد هذه المعجزة تتم من جديد. وإنه ليحاول أن يستميل إليه هذه القوة الناهضة بعد أن يئس أو كاد من محاولة القضاء عليها.

لقد أدرك الغرب - وهو أسرع إدراكا للحقائق الواقعة - أن العالم الإسلامي لو كان مقدرا له أن يموت لمات. وإذا كان كل هذا السم لم يقتله، فإنه إذن سيزيده قوة، كما تنطق بذلك حكمة أحد شعرائهم (جيته) الألماني!

ولم يبق كافرا بهذا العالم الإسلامي، شاكاً في وجوده وفي قوته، إلا ذلك الفتات الآدمي الذي خلفه الاستعمار الغربي، ممن يسمونهم (المثقفين). ذلك الحطام الذي استعمر الغرب ضميره وروحه وتفكيره. تلك المخلوقات المضحكة التي لا تؤمن بشيء لم يكتب عليه: (صنع في أوربا)!

عما قليل سيرد لهذه المخلوقات المضحكة شيء (صنع في أوربا) يقول لهم: إن العالم الإسلامي حقيقة (مادية) واقعة. . عندئذ سيؤمنون بوجود العالم الإسلامي. وعندئذ سيتحمسون لإقناع الآخرين بهذه الحقيقة (المادية) الواقعة. . ومن يدري. فلعلهم يومئذ سيحاولون إقناعنا نحن أيضا بهذه الحقيقة!

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>