للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التواقت المطلق والزمن المطلق، وتقرر أن الزمن نسبى والتواقت نسبى بناء عليه بالنسبة للمتحرك، وهى تبنى نتائجها وتجرى تجاربها على الحركة وقوانينها. أما نحن، فإنما اندمج الزمان بالمكان بناء على الوجود المستقبلي والشعور بسريانه، فالشعور بسريان الاندماج أصل، والقول بالحركة فرع.

ونقول إن هناك صورتين من الزمان: الزمان المفهوم من الحركة، وهو (الزمان الخارجي) الذي نفهم الأشياء الخارجية به؛ والزمان الذي نشعر به في أعماق وعينا، وهو (الزمان الحقيقي) وبمقدار شعورنا بالزمان يكون وعينا، فكلما كان وعينا قويا كان شعورنا بالزمان قويا كذلك؛ فهنالك تناسب طردي بين الوعي وبالتالي نصيبنا من الوجود، وبين الشعور بالزمن. وقد قلنا إن الذي يجعل الزمن زمنا هو (المستقبل) بل إن المستقبل هو الذي يميز بين هذين النوعين من الزمان: الزمان الشعوري والزمان الحركي. فالزمان الشعوري يمثل المستقبل فيه أكثر من شيء واحد، والأمل، والإحساس بالحياة، والرجاء، والوجل، والخوف، والاطمئنان، والانتظار، والترقب، وكذلك (التغيير والتبدل) - والحرية أو الجبرية في هذا التغير - أما الزمان الحركي فهو لا يشمل ولا يمثل إلا (التغيير والتبدل) واحتمالها فقط. وهذا هو الفرق بين الوجود الحي والوجود الميت. والفرق بين الوجود الأول والوجود الثاني هو الفرق بين الوجود الفعال والوجود الخامد المنفعل.

ولكن هل تسير الأمور بقوانين ثابتة لا تتحول، وبمقتضى سنن موضوعة لا تتبدل؟ بمعنى أن ما حدث في الماضي عن العلة (١) لابد أن يتبعه المعلول (ب)، ولو علمنا هذه القوانين فهل في مقدورنا أن نتنبأ بما سيحدث في المستقبل؟ هذا موضوع آخر: موضوع السببية والمستقبل. . وسنقدم بمرضنا لمشكلة السببية إن شاء الله في مقال تال.

للكلام صلة

عبد الجليل السيد حسن

<<  <  ج:
ص:  >  >>